تقدم في محادثات جدة وسط اتهامات للجيش السوداني بتجنيد المدنيين وتسليحهم

تقدم في محادثات جدة وسط اتهامات للجيش السوداني بتجنيد المدنيين وتسليحهم

الخرطوم – أحرزت محادثات جدة بين الجيش السوداني بقيادة الفريق الأول عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التي يقودها الفريق الأول محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي” تقدما ملموسا ‏خلال الساعات الأخيرة، في وقت تتواصل ميدانيا الاشتباكات بين طرفي الصراع بهدف تحقيق مكاسب نوعية تمكّن من فرض شروط على الطرف السعودي الذي يرعى المفاوضات.‏

وقال مصدر من الوساطة، لوكالة “رويترز”، إنّ المحادثات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مدينة جدة السعودية أحرزت تقدما، وإنّ من المتوقع التوصل إلى اتفاق على وقف لإطلاق النار قريباً.

وفي السياق، أكد الناطق باسم العملية السياسية في السودان خالد عمر يوسف ‏اقتراب مباحثات جدة بين وفدي الجيش والدعم السريع من التوصل إلى اتفاق‎.‎

وأوضح يوسف في تصريحات لقناة “العربية” السعودية أنّ مباحثات جدة تسير بشكل جيد بسبب وجود إرادة ‏للتوصل لاتفاق بين أطراف الأزمة، مشيراً إلى احتمالية اتفاق الجيش والدعم السريع على ‏إنهاء الأزمة في أيّ لحظة‎.‎

وقالت مصادر دبلوماسية مطلعة على المحادثات إنّها استمرت حتى ساعات متأخرة من الليل، وإنّ الاتفاق بات قريبا.

وأضافت المصادر أن “تحديد موعد التوقيع مرتبط بالاتفاق على بعض البنود الخلافية التي يجري النقاش حولها حاليا.

وبدورها أعلنت فيكتوريا نولاند، وكيلة وزارة الخارجية الأميركية، أن المفاوضين الأميركيين “يشعرون بتفاؤل حذر “إزاء الحصول على التزام بالمبادئ الإنسانية ووقف لإطلاق النار، لكنهم يدرسون أيضا الأطراف التي يمكن استهدافها بالعقوبات ما لم يوافق الفصيلان المتحاربان على ذلك”.

ويعقد وفدا الجيش وقوات الدعم السريع اجتماعات منذ السبت الماضي برعاية الولايات المتحدة ‏والسعودية في مدينة جدة. وتهدف المفاوضات بين الجانبين للوصول إلى هدنة حقيقية ‏والسماح بوصول موظفي الإغاثة والإمدادات، بعد أن أخفقت إعلانات متكررة عن وقف ‏إطلاق النار في وقف القتال‎.

وتتواصل الاشتباكات في الخرطوم ومدن أخرى للأسبوع الرابع على التوالي، وفيما نقلت وسائل إعلام عن مصادر بالجيش السوداني قولها إن الطيران والمدفعية استطاعت طرد الدعم السريع من مناطق شرق الخرطوم بحري وأن المرحلة الأخيرة للسيطرة على الخرطوم بحري قد بدأت، أكدت الدعم السريع في بيان أرفقته بمقطع فيديو أن قواتها تمكنت من أسر المئات من قوات الانقلابيين (في إشارة إلى الجيش السوداني)، واستلام آليات عسكرية في معركة بحري”.

ومساء الأربعاء، اتهمت قوات الدعم السريع الجيش وحلفائه من الجماعات الإسلامية وفلول النظام السابق بالتصعيد من خلال عمليات التجنيد العشوائي للمواطنين لشن هجمات ضد مواقعها بعد الخسائر الكبيرة التي منيت بها.

وقالت القوات في بيان نشرته عبر صفحتها على فايسبوك إن “قيادة القوات الانقلابية وبقايا النظام البائد واصلت في ارتكاب المزيد من الفظائع بحق المدنيين العزل والأبرياء بتحريض من قوى الظلام لتنفيذ عمليات إرهابية لتغطية الهزائم المتكررة التي تتلقاها من قواتنا في الميدان”.

وأضافت ان “القوات الانقلابية (الأربعاء) ارتكبت حماقة بمحاولة الهجوم على مناطق سيطرتنا في مدينة بحري، تصدت لها قواتنا وكبدت الفلول خسائر فادحة في العتاد والأرواح وعدد من الأسرى، حيث اسقطت طائرتين حربيتين واستولت على 83 عربة لاندكروزر بكامل عتادها، وعدد 3 مدرعات بحالة جيدة بعد فرار قوات الانقلابيين”.

وتابعت “في محاولة فاشلة جديدة، بدأت قوات الانقلاب والإرهابيين عمليات تجنيد وعمليات تسليح عشوائي للمواطنين ومنسوبي كتائب الظل وقوى الظلام، نؤكد أن أعيننا مفتوحة لأي تحركات من هذه المجموعات المتطرفة والتعامل معها بالحسم اللازم”.

ونفت الدعم السريع تحقيق الجيش أي انتصارات قائلة “استمرت عناصر النظام البائد في بث الشائعات والمسرحيات سيئة الإخراج بتصوير انتصارات كذوبة من أجل رفع الروح المعنوية للقوات الانقلابية”.

وحذرت من محاولات لأحداث صراع قبلي في السوان قائلة “انه في مسلك عنصري بغيض، شنت قوات الفلول حملات اعتقال واحتجاز تعسفي بالعاصمة الخرطوم على أساس قبلي وعنصري ينافي أخلاق السودانيين وأهداف ثورة ديسمبر المجيدة، وبث المزيد من حملات الكذب والتضليل التي خبرها شعبنا طوال ثلاثون عاماً.”

وأكدت رصد “هروب عدد من قيادات النظام البائد إلى خارج البلاد بعد أن تيقنوا أن الطوفان آت لا محالة وسط انقسام حاد بين صفوف الانقلابيين بسبب تعدد مراكز اتخاذ القرار.”

وأوضحت القوات بأنها تتعامل بمسؤولية مع هجمات الجيش وداعميه قائلة “نتعامل بالحكمة اللازمة مع مجموعات الخراب الداعية لممارسة النهج الإرهابي المحبب لدى الجماعة المتطرفة بحرق الخرطوم والمواقع الحيوية كالقصر الجمهوري والمستشفيات والجسور الرابطة بين مدن العاصمة والإذاعة والتلفزيون والمطار في سلوك لا يمت للإنسانية بصلة ولا بأخلاق السودانيين الشرفاء. نؤكد وقوفنا الأكيد من أجل المحافظة على مكتسبات ومقدرات الشعب السوداني”.

وأكدت قوات الدعم السريع “السيطرة التامة على 95 بالمئة من مدن العاصمة الخرطوم، كما تشهد مواقعنا استمرار عمليات الاستسلام الجماعي والفردي من القوات الانقلابية، فالهاربين من جحيم الانقلابيين وحدهم هم الناجون مع شرفاء شعبنا الكريم”.

وشددت على مواصلة “عمليات إصلاح ومعالجة بعض المشكلات المتعلقة بالخدمات الصحية وخدمات الكهرباء والمياه من أجل تخفيف المعاناة التي فرضتها الظروف الحالية على شعبنا الكريم”.

وشجب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك الخميس “العنف غير المبرر” في السودان، ودعا الدول إلى ممارسة الضغط “بكل الوسائل الممكنة” لحل الأزمة.

وقال تورك في افتتاح جلسة خاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف حول الوضع في السودان إن القتال الذي اندلع في 15 أبريل أوقع هذا البلد في “كارثة”. وتابع “أغتنم هذه الفرصة لأحث كل الدول ذات النفوذ في المنطقة على الدفع لحل هذه الأزمة، بكل الوسائل الممكنة”.

وعقد هذا الاجتماع الطارئ لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بناء على طلب مشترك من المملكة المتحدة والنرويج والولايات المتحدة وألمانيا، وحظي بتأييد عشرات الدول.

وأسفرت المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع عن سقوط أكثر من 750 قتيلاً وخمسة آلاف جريح، بحسب منظمات غير حكومية والسلطات.

وحذّرت منظّمة الأمم المتّحدة للطفولة (يونيسف) من أنّ المعارك الدائرة في السودان تحصد أرواح أطفال “بأعداد كبيرة مرعبة”، مشيرة إلى تقارير تفيد بسقوط سبعة أطفال كلّ ساعة بين قتيل وجريح.

ودان تورك بشدة “هذا العنف غير المبرر، الذي انتهك فيه الطرفان القانون الإنساني الدولي، ولا سيما مبادئ التمييز والتناسب والحيطة”.

وقال إن الجيش السوداني “شن هجمات على مناطق مدنية مكتظة، بما في ذلك غارات جوية”، و”الأسبوع الماضي أصابت غارة جوية على ما يبدو محيط مستشفى في منطقة شرق النيل في الخرطوم، ما أسفر عن مقتل عدد من المدنيين”.

وأضاف أن “قوات الدعم السريع استولت على ما يبدو من جهتها على مبانٍ عديدة في الخرطوم لاستخدامها كقواعد للعمليات، وطردت السكان وشنت هجمات انطلاقا من مناطق سكنية مكتظة”.

وأفاد بأن مكتبه تلقى تقارير عدة تتحدث عن عنف جنسي ارتكبه رجال يرتدون الزي العسكري، فضلاً عن “مزاعم بعمليات إعدام غير قانونية واختفاءات قسرية”.

وفي نهاية الاجتماع، ستصوت 47 دولة عضو في مجلس حقوق الإنسان على مشروع قرار يدعو إلى “الوقف فوري للعنف من قبل جميع الأطراف، من دون شروط مسبقة”.

ويدين النص كل انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، لكنه لا ينشئ آلية تحقيق، ويترك للمفوض السامي ولخبير الأمم المتحدة لحالة حقوق الإنسان في السودان مهمة توثيقها.

وحتى التاسع من مايو لجأ أكثر من 160 ألف شخص إلى البلدان المجاورة بينما تجاوز عدد النازحين السودانيين داخل البلاد 700 ألف شخص، ووفقًا للأمم المتحدة.

العرب