بعد تأخرها 5 سنوات.. ما مكاسب العراق من جولة التراخيص النفطية الجديدة؟

بعد تأخرها 5 سنوات.. ما مكاسب العراق من جولة التراخيص النفطية الجديدة؟

بغداد – في حفل رسمي بوزارة النفط، وقّع العراق الثلاثاء الماضي عقودا مع شركات أجنبية ضمن جولة التراخيص النفطية الخامسة الخاصة بالرقع النفطية والحقول الحدودية.

وأشار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى أن تأخر تنفيذ جولة التراخيص النفطية الخامسة لـ 5 سنوات، كبّد البلاد خسائر كبيرة وأضرارا بيئية، مشددا على أن “التوجه نحو استثمار الغاز المصاحب والغاز الطبيعي نابع من قناعة راسخة، لتحقيق الإصلاحات الاقتصادية التي تشكل محورا أساسيا في البرنامج الحكومي”.

وينتج العراق أكثر من 4.5 ملايين برميل من النفط يوميا وتمثل واردات القطاع أكثر من 94% من الناتج المحلي للبلاد، في الوقت الذي يعد فيه العراق ثاني أكبر دولة في حرق الغاز الطبيعي في العالم بعد روسيا، وبخسائر تقدرها الحكومة بنحو 6 مليارات دولار سنويا.

بدأت عمليات استخراج النفط من حقل كركوك بصورة منظمة عام 1934 – رويترز

عائدات كبيرة
وتكمن أهمية جولة التراخيص الخامسة في أنها ستستثمر في الحقول الحدودية مع دول الجوار، إذ سيتم تحويلها لحقول منتجة تضيف كميات كبيرة من النفط الخام والغاز للإنتاج المحلي، وذلك بحسب المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد.

وعن سبب تأخر التوقيع على هذه العقود، أوضح جهاد -في حديثه للجزيرة نت- أن التأخر الذي امتد 5 سنوات كان بسبب تدخلات سياسية، وأوضح أن الحقول الداخلة ضمن هذه الجولة تضم 6 حقول في محافظات ديالى (شرقا) وميسان والبصرة (جنوبا).

أما عن معدلات الإنتاج من هذه الحقول، فإنها ستصل إلى 250 ألف برميل نفط يوميا، فضلا عن إنتاج ما بين 800 ألف ومليون قدم مكعب قياسي من الغاز في اليوم الواحد، مع إمكانية مضاعفة هذا الإنتاج خلال تقدم عمليات التطوير التي ستتكفل بها الشركات، مما يسهم في توفير جزء من الحاجة المحلية للغاز لإنتاج الطاقة الكهربائية، فضلا عن اشتراط العقود تشغيل اليد العاملة العراقية بما نسبته 90%.

ويذهب في هذا المنحى مظهر محمد صالح مستشار رئيس الوزراء العراقي الذي أضاف أن العراق بدأ لأول مرة الاستثمار في مجال الغاز المصاحب لعمليات الإنتاج النفطي، لا سيما أن البلاد تنفق سنويا ما مقداره 12 مليار دولار لاستيراد الغاز الأجنبي.

ويضيف صالح -في حديث للجزيرة نت- أن العراق بدأ للمرة الأولى الاستثمار في حقول مشتركة مع دول الجوار مثل إيران والكويت، متوقعا أن تصل العائدات المالية من جولة التراخيص الأخيرة لنحو 300 مليار دولار.

نوع العقود
وفي الوقت الذي أشار فيه المتحدث باسم وزارة النفط أن عقود جولة التراخيص الخامسة تعد عقود خدمة وليست مشاركة، أكد المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء ذلك، منوها إلى أن خصوصية العقود الأخيرة تكمن في تكاليف الإنتاج النفطي التي ستنخفض في حال تراجعت أسعار النفط وذلك وفق معادلة متفق عليها، لافتا إلى أن العراق بحاجة لما يقرب من 3 سنوات لاستغلال الغاز المستخرج وفق هذه العقود.

في المقابل، لا يتفق أستاذ الاقتصاد بجامعة المعقل في البصرة نبيل المرسومي في أن عقود جولة التراخيص الأخيرة عقود خدمة، مشيرا إلى أنها عقود مشاركة بالدرجة الأولى.

ويشير المرسومي -المختص بالشأن النفطي- إلى أن العراق كان قد وقّع على هذه الجولة بشكل مبدئي عام 2018 في عهد حكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، ثم عاد ليوقع العقود النهائية الثلاثاء الماضي بعد تأخر 5 سنوات.

وأوضح -في حديث للجزيرة نت- أن هناك خلافا بين وزارة النفط التي تصف هذه العقود بأنها “عقود مشاركة” في الأرباح، في حين يصفها المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء بأنها عقود خدمة.

وتابع أن “الفرق بين العقدين كبير جدا في العناصر الأساسية والالتزامات التعاقدية، وبالتالي ولأجل حلّ هذه الإشكالية وتحقيقا للشفافية وانسجاما مع عضوية العراق في مبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية، واتساقا مع المادة 111 من الدستور العراقي التي تنص على ملكية الشعب للثروة النفطية، فإنه من الضرورة بمكان نشر النصوص الأصلية لهذه العقود على الشعب العراقي”.

ثغرات
ومن المآخذ على العقود الأخيرة بحسب المرسومي أن التكاليف النفطية مرتفعة جدا، وبسبب تحكم الشركات الأجنبية بالتكاليف، فإن أكثر من نصف عائدات النفط ستحصل عليها تلك الشركات.

ويستدل على تقديراته من خلال مقارنة عقود الجولة الخامسة مع عقود إقليم كردستان النفطية، إذ يشير إلى حصول الإقليم على 44% فقط من إجمالي العائدات النفطية عام 2022 رغم مضي نحو 8 سنوات على بدء الإنتاج في الإقليم، موضحا أن الشركات الأجنبية تحرص على إبقاء التكاليف مرتفعة لأجل تعظيم أرباحها، وبالتالي، من المتوقع أن تستحوذ الشركات الأجنبية على نحو نصف العائدات النفطية العراقية.

ولا يقف الأمر عند ذلك وفق الخبير النفطي، إذ لم تحدد ذروة الانتاج في عقود كردستان وفي الجولة الخامسة كذلك، فضلا عن أن أغلب الشركات التي تم التعاقد معها في إقليم كردستان هي شركات صغيرة وغير معروفة عالميا، وهو ما ينطبق على تراخيص الجولة الخامسة التي أحيلت فيها الحقول الستة إلى شركتي الهلال الإماراتية وجيو جياد الصينية.

يضاف لكل ذلك أن حصة الشريك الحكومي في أغلب عقود كردستان تبلغ 20%، في حين لا توجد حصة للشريك الحكومي في الجولة الخامسة، في الوقت الذي أكد فيه المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء أن ملكية الحقول ستظل للعراق بنسبة 100%.

وتأتي جولة التراخيص الخامسة أفضل من الجولات السابقة بحسب كثير من الخبراء الذين أوضحوا أن استثمار الحقول المشتركة أفضل من إهمالها، لا سيما أن دول الجوار كانت قد بدأت فعليا باستثمار هذه الحقول، وأن العراق تكبد خسائر اقتصادية كبيرة نتيجة إهمالها في السنوات الأخيرة.

المصدر : الجزيرة + مركز الجزيرة للدراسات