سلطنة عمان والولايات المتحدة توسعان دائرة الشراكة

سلطنة عمان والولايات المتحدة توسعان دائرة الشراكة

يعكس الحوار الإستراتيجي الأول بين واشنطن ومسقط دلالة قوية على رغبة الطرفين في توثيق العلاقات لتشمل مختلف الجوانب والقطاعات، وعدم حصرها في بعدها السياسي أو الأمني والدفاعي.

مسقط – عقدت سلطنة عمان والولايات المتحدة في العاصمة مسقط الخميس أول حوار إستراتيجي بينهما ركز على الجانب الاقتصادي، فيما يعكس حرص البلدين على استمرار العمل على تعزيز العلاقات التاريخية التي تجمعهما.

ويرى متابعون أن الحوار الذي عقد كان هدفه خلق آفاق جديدة لتوثيق التعاون الاقتصادي وإعطائه المكانة التي يستحقها أسوة ببقية مجالات التعاون الأمني والدفاعي القائم بين البلدان، وأيضا التعاون السياسي الجاري بينهما في العديد من الملفات الإقليمية.وجاء الحوار الإستراتيجي بعد أشهر قليلة من زيارة قام بها وفد عماني رفيع المستوى إلى واشنطن ترأسه وزير الخارجية بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي، وذلك احتفاء بمعاهدة الصداقة والعلاقات الاقتصادية والحقوق القنصلية الموقعة بين البلدين في العشرين من ديسمبر 1958.

حوار إستراتيجي عشية انطلاق التمرين الأمني المشترك الموحد بين عُمان والولايات المتحدة “الحارس المنيع 2023”

وتطرق الحوار الذي ترأسه خليفة الحارثي وكيل وزارة الخارجية العمانية، ونظيره الأميركي، خوسيه دبليو فرنانديز، إلى جملة من المحاور أبرزها تعظيم الاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، وزيادة الاستثمارات الأميركية في قطاعات ذات أولوية للسلطنة.

وبحسب وكالة الأنباء العمانية، فقد تخلل الحوار “توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين لتعزيز التجارة والاستثمار في المجالات الإستراتيجية للاقتصاد العُماني”.

وأكّد وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدبلوماسية على أنّ سلطنة عُمان والولايات المتحدة تتمتعان بعلاقات مميزة في الجانب السياسي وتسعيان من خلال الحوار الإستراتيجي إلى إعطاء الجانب الاقتصادي أهمية أكبر.

وأوضح الحارثي خلال مؤتمر صحفي أن الحوار انقسم إلى ثلاث مجموعات رئيسة وهي الطاقة المتجددة، والاستثمار والتجارة، والتعليم والثقافة، وهدف من خلال فرق العمل المشتركة إلى تعزيز العلاقات القائمة بين البلدين في العديد من القطاعات وخاصة المجالات الاقتصادية.

وبيّن أن أحد أهم أهداف هذا الحوار الإستراتيجي هو تعزيز الفائدة من اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين الجانبين في عام 2009.

وقال إن الجانبين يسعيان من خلال اللجان الثلاث المنبثقة عن الحوار الإستراتيجي إلى تحديد مجالات وقطاعات معينة بحيث يتم التركيز عليها ومن ثم ترفع إلى المعنيين من الجانبين لوضع آليات استغلالها في المستقبل.

وأشار إلى أن قطاع الطاقة المتجددة يعتبر أحد الركائز المستقبلية للاقتصاد في سلطنة عُمان، موضحًا أنه من المؤمل من خلال مجموعة الطاقة المتجددة في الحوار الإستراتيجي العُماني – الأميركي أن نصل إلى أرضية مشتركة تشجع الولايات المتحدة والشركات الأميركية على الاستثمار في قطاع الهيدروجين الأخضر في سلطنة عُمان.

من جانبه، أكد وكيل وزارة الخارجية الأميركي لشؤون النمو الاقتصادي والبيئة على أن اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين الجانبين تمثل نقطة ارتكاز لدعم العلاقات التجارية والاقتصادية ورفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى مستوى يلبّي الطموحات المشتركة.

وأشار فرنانديز إلى أن حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان والولايات المتحدة شهد ارتفاعًا ملحوظًا خلال السنوات الماضية وهو مؤشر جيد في خضم ما شهده العالم من متغيرات كثيرة أثّرت على العديد من جوانب الحياة.

ومنذ دخول اتفاقية التجارة الحرة الثنائية بين البلدين حيز التنفيذ في عام 2009 نمت التجارة بشكل كبير بين البلدين، ومن أهم مزايا الاتفاقية معاملة السلع المعفاة من الرسوم الجمركية، وعدم وجود حد أدنى لمتطلبات الاستثمار للشركات الجديدة.

وأوضح المسؤول الأميركي أن بلاده تسعى من خلال هذا الحوار الإستراتيجي إلى تعميق علاقات التعاون الثنائي بين البلدين الصديقين خاصة في المجالات التجارية مع التركيز على فرص التعاون في مجالات الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر.

وأشاد بجهود عُمان في مجال الهيدروجين الأخضر، مبينًا أن الولايات المتحدة من خلال مؤسسات القطاع الخاص ترغب في أن تكون شريكًا إستراتيجيا للسلطنة في مجال الهيدروجين بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الصديقين.

سلطنة عمان تولي في السنوات الأخيرة أهمية كبيرة للطاقات النظيفة، وقد اتخذت جملة من الخطوات للاستثمار في هذا القطاع

وقال في هذا الجانب “أصبح قطاع الطاقة حديث الساعة في العالم أجمع والتحول نحو الطاقة النظيفة أصبح توجهًا عالميًّا لذا ستشهد سلطنة عُمان مستقبلًا واعدًا في قطاع الهيدروجين الأخضر”. مثمنًا الإجراءات التي اتخذتها السلطنة لمواجهة أزمة المناخ.

وتولي سلطنة عمان في السنوات الأخيرة أهمية كبيرة للطاقات النظيفة، وقد اتخذت جملة من الخطوات للاستثمار في هذا القطاع الواعد كما أبرمت العديد من الشراكات مع القوى الكبرى.

ويرى متابعون أن الحوار الإستراتيجي شكّل فرصة لعرض عمان رؤيتها بشأن تطوير الطاقات المتجددة، وهي ترنو إلى تعاون فعال بينها وبين واشنطن في هذا المجال.

وترتبط عُمان والولايات المتحدة بعلاقات متينة تعود إلى نحو 189 عاما، وتستمد هذه العلاقة أهميتها بالنسبة إلى الولايات المتحدة من حيث موقع السلطنة كمركز متعدد المهام لخدمات دعم الجسر الجوي، وأنشأت واشنطن قاعدة جوية فيها، تتمركز بها قاذفات من طراز “بي 1” وطائرات التزود بالوقود. وتوجد في عُمان خمس قواعد أميركية تتبع مباشرة القيادة الوسطى، ومخازن ضخمة للأسلحة والعتاد والذخائر.

ويأتي الحوار الإستراتيجي عشية انطلاق التمرين الأمني المشترك الموحد بين سلطنة عُمان والولايات المتحدة “الحارس المنيع 2023” بمحافظة الوسطى، والذي يستمر حتى مطلع مارس المقبل.

ولا تقل العلاقات الدبلوماسية أهمية عن العلاقات الدفاعية والأمنية حيث أن مسقط تلعب دورا مؤثرا في العديد من الملفات الإقليمية ومن بينها الملف النووي الإيراني، وتبادل سجناء، فضلا عن الأزمة اليمنية.

وكشفت الخارجية الإيرانية مؤخرا عن زيارة مرتقبة للسلطان هيثم بن طارق إلى طهران حاملا معه أنباء مبشرة بشأن المفاوضات النووية، لكن واشنطن رفضت الخميس تأكيد ذلك، فيما التزمت السلطنة الصمت.

العرب