أخبار السياسة الدولية

تطمينات أميركية للقاهرة مقابل تعهدات من السيسي

 

 

كشفت مصادر مصرية خاصة عن أن الزيارة التي قام بها مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان إلى مصر، أول من أمس الأربعاء، والتقى خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حملت تطمينات أميركية إلى القاهرة في عدة ملفات تشكّل أزمات بالنسبة للأخيرة، على رأسها أزمة الطاقة والغذاء إلى جانب أزمة سد النهضة الإثيوبي.

في المقابل، حصلت واشنطن على تعهدات من السيسي، في قضايا دولية تهم الجانب الأميركي، على رأسها الأزمة مع روسيا والوضع في الأراضي المحتلة، وملف حقوق الإنسان.

ووصفت المصادر، في أحاديث لـ”العربي الجديد”، زيارة سوليفان بأنها “صفحة جديدة من العلاقات بين القاهرة وواشنطن، بعد فترة من التوتر لأسباب متعلقة بملف النظام المصري في مجال حقوق الإنسان، وموقف القاهرة من الحرب الروسية الأوكرانية، والذي تميل فيه كفة الجانب الروسي”.

وقالت المصادر إنه في ما يتعلق بالأزمة التي تعيشها مصر من نقص الإمدادات من القمح والمواد البترولية، بسبب استمرار الحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى ارتفاع أسعارها بشكل يفوق قدرات موازنة الدولة المصرية، وهي المواد الأساسية التي تحتاجها البلاد وتستورد كميات كبيرة منها بالعملة الصعبة، أكد مستشار الأمن القومي الأميركي أن واشنطن سوف تدعم القاهرة في هذه الأزمة.

أزمة سد النهضة

وحول أزمة سد النهضة الإثيوبي، قالت المصادر إن الرئيس المصري “لم يطلب من مستشار الأمن القومي الأميركي، التدخل بشكل مباشر، وذلك بالنظر إلى أن القاهرة تعلم أنها مكبّلة باتفاقية إعلان المبادئ الموقّعة في الخرطوم عام 2015، بينها وبين إثيوبيا والسودان، لكن سوليفان هو من بادر بفتح الموضوع، مؤكداً للسيسي دعم أميركا لمصر في هذه القضية، في سياق التطمينات الأميركية التي حملها للسيسي”.

وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير بسام راضي إنه جرى مناقشة مستجدات قضية سد النهضة، وأكد السيسي “موقف مصر الثابت من ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لعملية ملء وتشغيل السد، بما يحفظ الأمن المائي المصري ويحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث”.

وذكر أن مستشار الأمن القومي الأميركي “أعرب عن التقدير البالغ للإدارة الأميركية تجاه الجهود المصرية الممتدة لإرساء السلام في المنطقة، إلى جانب دورها الأساسي في التهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ومبادرات إعادة إعمار غزة”.

وأكدت المصادر أن “التطمينات الأميركية للقاهرة، جاءت في مقابل طلبات حملها سوليفان إلى السيسي، على رأسها الحصول على تعهد بالابتعاد عن روسيا في ظل الأزمة المشتعلة بين واشنطن وموسكو بسبب الحرب الأوكرانية، إذ ترى أميركا أن حلفاءها الاستراتيجيين ومن بينهم مصر، يجب أن يصطفّوا في معسكرها بشكل لا لبس فيه”.

وأفاد بيان رئاسي مصري حول اللقاء بأن مستشار الأمن القومي الأميركي “نقل تأكيد الرئيس الأميركي جو بايدن على أهمية وقوة التحالف المصري الأميركي، مع تطلّع واشنطن إلى تطوير علاقات الشراكة مع القاهرة ونقلها إلى آفاق أرحب خلال الفترة المقبلة، وذلك في إطار علاقات التعاون في ضوء الدور المصري في منطقة الشرق الأوسط، باعتبارها دعامة رئيسية للأمن والاستقرار، لا سيما في هذه المرحلة الدقيقة التي تشهد أزمات دولية وإقليمية”.

وأضافت المصادر أن من بين القضايا الرئيسية التي “تحدّث فيها سوليفان مع السيسي، ولم يشر إليها البيان الرئاسي المصري حول اللقاء، هي قضية حقوق الإنسان، والتي طالما عبّر الجانب الأميركي فيها عن تحفّظه حول تعامل نظام الرئيس السيسي في هذا الملف”.

وكشفت المصادر أن “الرئيس السيسي من جهته، عرض على سوليفان، الخطوات التي اتخذتها حكومته أخيراً مثل الدعوة إلى حوار سياسي وطني التي أطلقها السيسي الشهر الماضي، بحضور بعض رموز المعارضة، وقرارات الإفراج الأخيرة عن بعض المعتقلين السياسيين، وإعادة تفعيل لجنة العفو السياسي، بالإضافة إلى وعود بإعادة النظر في بعض التشريعات المرتبطة بحقوق الإنسان”.

وبحسب بيان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، أدريان واتسون، حول زيارة سوليفان إلى مصر، فقد ناقش سوليفان مع السيسي وكبار المسؤولين المصريين “العواقب العالمية للحرب الروسية غير المبررة ضد أوكرانيا، ودعم واشنطن لاحتياجات القاهرة من الأمن والغذاء والوقود”.

كما ناقشت الوفود “التنسيق في القضايا الإقليمية، فضلاً عن أهمية التقدم الملموس والدائم في مجال حقوق الإنسان في مصر”، حسبما جاء في البيان الأميركي.

في المقابل، تجاهل البيان المصري حول اللقاء التطرق إلى الحديث في ملف حقوق الإنسان، واكتفى بالقول إن المباحثات اشتملت على “تطورات القضية الفلسطينية وأزمة سد النهضة الإثيوبي”.

وأشار البيان المصري إلى أنه خلال اللقاء شدد السيسي على أن “حل القضية الفلسطينية وفق المرجعيات الدولية، من شأنه أن يفرض واقعاً جديداً ويفتح آفاقاً واسعة لبناء السلام ومد جسور الثقة والتعاون والبناء والتنمية في سائر منطقة الشرق الأوسط”.

أوراق السيسي في التفاوض مع أميركا

من جهته، قال دبلوماسي مصري سابق، إن “نظام السيسي يعرف جيداً الأوراق التي من الممكن أن يلعب بها مع الجانب الأميركي، والتي تتركز في قيامه بدور في حفظ الأمن في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتقديم نفسه كمحارب ضد الإرهاب”.

وأضاف المصدر، في حديثٍ مع “العربي الجديد”، أن “ما يهم الإدارة الأميركية في الوقت الحالي، هو اصطفاف حلفائها معها ضد روسيا، ولذلك جاءت زيارة سوليفان إلى مصر، باعتبارها دولة كبرى في الإقليم، وأحد الحلفاء لنظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في محاولة لضمان ولاء السيسي إلى واشنطن”.

وقال الدبلوماسي إن “زيارة سوليفان إلى مصر، يمكن اعتبارها مقدمة أو ترتيبا للزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة، والتي من المتوقع أن تكون إلى إسرائيل، والتي بدورها سوف تدعو زعماء دول عربية إلى حضور قمة على غرار قمة النقب، برئاسة بايدن، يكون من بينهم السيسي”.

وأوضح أن “مباحثات سوليفان والسيسي، قد تكون للاتفاق على تفاصيل معينة في القضايا ذات الاهتمام المشترك، قبل لقاء السيسي وبايدن في إسرائيل، ومنها موضوعات: الحرب الروسية الأوكرانية، والأزمة مع إيران، بالإضافة إلى التطورات الجارية في الأراضي المحتلة، والصراع العربي الإسرائيلي، والأزمة التي تعيشها ليبيا”.

ولفت المصدر إلى أن “سعي الإدارة الأميركية الحثيث في سبيل مواجهة روسيا، لا سيما على المستوى الاقتصادي، دفعها إلى تقديم تنازلات في قضايا أكدت في السابق على أنها تشكل ثوابت بالنسبة لها، وعلى رأسها قضية حقوق الإنسان، ولذلك فهي الآن تدفع باتجاه استعادة العلاقات مع أنظمة وسَمتها سابقاً بأنها أنظمة ديكتاتورية، مثل النظامين المصري والسعودي، لكنها الآن تسعى لكسب ولائهما من جديد”.

وأوضح المصدر أنه “في ظل الأزمة التي يواجهها العالم بسبب الاعتماد على النفط الروسي، تسعى الإدارة الأميركية وحلفاؤها في أوروبا، إلى تعويضه بمصادر أخرى في الخليج العربي وليبيا ومصر، ولذلك تقوم بجهود دبلوماسية مع الدول الفاعلة في المنطقة مثل مصر والسعودية والإمارات، والذي من المنتظر أن يحضر زعماؤها القمة المرتقبة في الأراضي المحتلة برئاسة بايدن”.

العربي الجديد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..