أخبار السودان

محمد مجدي …قصة شهيد كان يحلم بأن تكون العسكرية مهنته (الحلقة الأولى )!

والده: سنُقاضي قتلته حتى آخر يوم في حياتنا

* كان يحلم بأن يُصبح ضابطًا في الجيش أو الشرطة

* واجهتُ تعنتاً ومماطلة في إجراءات تدوين البلاغ

* الشرطة تتحمل مسؤولية قتل المتظاهرين

 

الخرطوم: سلمى عبدالعزيز

 

عقب عودته من مدرسته أسرع محمد لارتداء ثياب يُخصصها للمُشاركة في المظاهرات المناهضة للانقلاب منذ شرارته الأولى في الـ25 من أكتوبر ثم خرج متخفيًا تفاديًا لرفض ذويه نظرًا لصغر سنه والقمع المتزايد الذي تواجه به السلطات الأمنية المتظاهرين.

سقط جسده الغض عقب اصابته برصاصة في الصدر في شارع الشهيد عبدالعظيم ـ شارع الأربعين سابقًاـ ليتم اسعافه على الفور إلى مستشفى (الأربعين) إلاّ أنه لم يحتمل فإرتقت روحه قبيل دقائق معدودة من وصول أسرته.

و لغرابة القدر فإن الطفل الذي قضى طفولته راغبًا في امتهان العسكرية لحمِاية بلده كما يقول قُتل برصاصة اخترقت صدره بيد من توجب عليهم حمايته واحبهم.

 

*أحلام الصغار!

 

يقول والده المخرج بتلفزيون السودان مجدي مكي متحدثًا لـ(الجريدة) من منزله بالثورة الحارة (11) إن ابنه لم يُكمل بعد عامه الـ(15) ويدرس في الصف الأول بمدرسة (عمر بن الخطاب) بالثورة الحارة 11 بنين.وقد انخرط في الحِراك الثوري منذ العام 2013 ـ حينها ـ كان صغير للغاية وعدد المناهضين للنظام البائد قليل وحِدة القمع في أوجها فتملكني الخوف على حياته.أذكر أنني كُنت أمنعه من المشاركة في المظاهرات بحدة ومثلي وكافة الآباء أرغب في أن يهتم بدراسته وتحصيله الأكاديمي.

كان محمد شديد الوله بالعساكر أو فلنقل الأجهزة الأمنية عامة ودائمًا ما كنا نخوض “ونسة” محببة معه حول رغبته في أن يُصبح ضابطًا في الجيش أو الشرطة،سألته لماذا فأجاب بأنه يُريد حماية بلده والقبض على المجرمين، وقد طلب ذات يوم أن نشتري له زيًا عسكريًا ليتصور بِه والاحتفاظ بالصورة لحين تحقيق حِلمه.

سألته قُبيل (3) أيام فقط من استشهاده، كان يجلس بجوار شقيقه الأكبر منه بعامين فقط “مكي” عن ضرورة الاهتمام أكثر بدراسته لتحقيق حلمه عندما لاحظت بأن جُل وقته يمضي في المشاركة في المظاهرات قلت له: (ها يابطل نركز شوية في الدراسة لتحقيق حُلم العسكرية) فجاء رده صادمًا ومحزنًا للغاية ، قال ليّ ياأبوي أنا غيرت رأيي، أُريد أن اجتهد اكثر لأُصبح طبيبًا أو مهندسًا. فأدركت أن ما يُشاهده من قمع تجاه المتظاهرين السلميين طوال الأعوام السابقة أجهض حلمه الطفولي الجميل وحزنت للغاية أنّ تتبدل صورة المؤسسة العسكرية في أعين أطفالنا إلى هذا الحد البعيد.

 

*جيل مختلف

 

تميز الشهيد محمد منذ طفولته بالشجاعة والقيادة وقد لاحظت ادارة المدرسة ذلك فتم تحويله لمختص اجتماعي أخبر والده بأن طفله شديد الذكاء وسريع البديهة يقول مجدي مكي لـ(الجريدة) : الظروف الاقتصادية التي مررتُ بِها نتيجة لبعض المواقف السياسية إبان فترة حُكم الإنقاذ حيثُ كنتُ أعثر على عمل احيانًا وأحايين كثيرة لا فأتجه إلى الأعمال الهامشية حيث عملتُ في (الطُلبة ، النقاشة) زرعت روح المسؤولية مبكرًا لدى أبنائي.

وقد تكفل محمد وشقيقه الأكبر رمضان العام قبل الماضي بإعاشة الأُسرة طِوال الشهر الفضيل حيثُ كانا يخرجان للعمل وهما صائمان ويقومان احيانًا بأعمال لا تتناسب مع أعمارهما في نقل مواد البناء والـ(طُلبة) والعمل في المصانع .

كما كان الشهيد محمد يعمل ايضًا خلال إجازة عيد الأضحية لتوفير مصاريف دراسته ولم يشعراني وشقيقه مطلقًا بحوجتهما للمال، هؤلاء الأطفال بكل ما يتميزون بِه وكافة ما يواجهونه يثبتون موقفًا تلو الآخر بأنهم جيل مختلف لا يشبه غيره في تحمله للمسؤولية والتعاضد والوفاء لبعضهم، يقول ضاحكًا: محمد ابني لديه المقدرة على خوض معركة طاحنة ضد كل من يُحاول الإساءة لرفاقه لا يقبل فيهم البتة وهو وفاء وصدق شاهدته فيهم جميعًا.

 

*اليوم الأخير

 

اعتاد الشهيد محمد على المشاركة في المظاهرات منذ العام 2018 بيد أن القمع المتزايد الآونة الأخيرة زاد من خوف ذويه على سلامته فتكرر منعهم له إلاّ انه دائمًا ماكان يجد طريقة لمباغتتهم والخروج . يقول والده يُجيد المراوغة ودائمًا ما كان ينجح في إقناعي بضرورة خروج الجميع والمشاركة في المظاهرات بغية الوصول إلى غدٍ افضل ومستقبل يليق بالشعب السوداني.

ويتابع: يوم استشهاده خرج وفقًا لما أخبرني به شقيقه من الباب الخلفي ، سألته هل جاء من مدرسته فقال نعم لكنه خرج للمشاركة في مظاهرات اليوم ، تلقينا مكالمة تخبرنا باصابته ، فهرعنا إلى مستشفى (الأربعين) حيث كان يلفظ أنفاسه الأخيرة .

كنتُ عندما أنظر إليه في منزلنا أشعر بأنه لن يكمل معي الطريق ، لأنه شُجاع ، مِقدام، يرغب في تحقيق اهدافه بسرعة ، يكمل دراسته سريعًا ، تنتصر الثورة سريعًا ، يُصبح مهندس أو طبيب سريعًا … الخ . وقد شعرتُ في الفترات الأخيرة عقب تزايد عدد الشهداء بخوف كبير عليه فكنتُ فور دخولي المنزل اسأل عنه سيما عندما يكون هناك موكب أو مليونية فأشعر بارتياح كبير عندما أعلم بوجوده في المنزل.

 

*رسالة للسلطة الانقلابية

 

عُرف الشهيد محمد مجدي بحبه لرفاقه ومحبتهم له حيث لم تتوقف الحشود المعزية من طلاب مدرسته جميعًا وليس فصله الدراسي فقط لأُسرته وايضًا لرفاقه في الحي والأحياء المجاورة وقد ظلت الأُسرة تستقبل مع جحافل المعزين قصص مدعاة للفخر بكل ما كان يقوم بِه ابنهم الرجل الطفل كما وصفه احد المعزين.

يقول والده لـ(الجريدة) موجهًا رسالة للسلطة الحاكمة في السودان عقب الـ25 من اكتوبر الماضي إنه يجب وضع هذا البلد المكلوم فوق الجميع ووضع سلامة وأمن وحياة مواطنيه أولاً ومحاسبة من يتورط في سفك دماء أبنائه في الشوارع والأزقة بدم بارد، متسائلاً باستنكار كيف يمكنهم أن يحكموا وقد أصبح جميع الشعب السوداني كالأموات ويقُتل فلذات اكبادهم وبناة المستقبل بهذه الطريقة غير الانسانية.

وتابع: مايحدث الآن من قتل لاعمار صغيرة وما نشهده من انفلات أمني تقع مسؤوليته على السلطة الحاكمة ، نحن نفقد يوميًا الأيادي التي يجب عليها أن تبني مستقبل السودان ، يموتون في الشوارع فقط لمطالبتهم بحقوق مشروعة ، فقط لأنهم يهتفون بالحرية والعدالة .

ويزيد: أيها المسؤولون هذه الأيام دول ، ونحن شعب لا يعرف الخوف طريقه ، وسوف نحقق رغم فداحة المصاب والمواجع التي نتجرعها مدنية الدولة التي دفع أبناؤنا حياتهم الغالية ثمنًا لها وننعم بالديمقراطية التي يرددونها في هتافاتهم صباح مساء.

 

*محاكمة عادلة

 

يصر والد الطفل الشهيد محمد مجدي مكي على القصاص من قتلة ابنه حتى آخر يوم في حياته ويقول: إنه رغم المماطلة والتعنت الذي واجهته بِه السلطة الأمنية وهو يشرع في اجراءات تدوين البلاغ سيعمل على البحث عن من اطلق رصاصة في صدر طفله في شارع الشهيد عبدالعظيم ـ شارع الأربعين سابقًا ـ وتقديمه لمحاكمة عادلة حتى آخر نفس في حياته.

ويضيف: لن أوجه اتهاماً لأحد ولكن الشرطة السودانية من واجبها حماية المواطن السوداني والحفاظ على حياته وإن كان هناك طرف ثالث كما يقولون فكان من الأجدى أن يبحثوا عنه بجد والقبض عليه وبما أن هذا لم يحدث فأنا أرى أنهم يتحملون مسؤولية كافة الشباب الذين قتلوا منذ انطلاق الثورة ويجب أن تُدان.

الجريدة

‫4 تعليقات

  1. كان يحلم بأن يُصبح ضابطًا في الجيش أو الشرطة
    يعنى ولدك لو عاش كان جاء وقتلنا ، ضابط فى الجيش او الشرطة هذه مهنة من لم يجد مهنة ، فهى للقتل وليس للصناعة ولا الزراعة ولا التجارة ، ربنا كفانا شره ، انظر لصورته وهو يضع اصابعه فى الصادغ موجها الزناد لقتلنا
    كان لى اولاد فى سن ابنك المتوفى هذا ولا اقول الشهيد بل ااقول أسأل الله ان يتقبله شهيدا ، كنت امنعهم من الصلاة فى مسجد كان يؤم الناس فيه الكوز الصافى جعفر لأنه كان يصعد المنبر لابس عسكرى وشايل كلاش يحث الشباب للذهاب للهلاك بمعارك الجنوب ثم يدخل هو بيته مستمتعا بدولارات المغتربين من مبيعات مزارع مشروع سندس التى طلعت كذبة كيزان

    1. صراحة كرهت الناس فى فى مهندس بتاعتك دى .. غايتو لو انت مهندس فعلا فينطبق عليك المثل ( القلم مابزيل بلم ) واشك بأنك مهندس

  2. عندى ابن خالى بابكر عبد السيد كان بعيش فى عطبرة لديه ابن اسم احمد علبهما الرحمة جاء وقال لأبيه سوف اقدم لكلية الشرطة والده لم يتردد وقال له لو رفتوك حتفتح نقطة الابن اقتنع وذهب لجامعة القاهرة فرع الخرطوم ودرس محاسبة واغترب وتزوج وعاش حياة خالية من المشكل وقتل وقاتل الا ان توفاه الله تعالى
    انت مبسوط لان ابنك سيكون ضابط يا راجل انا شايف كونه بموت مقتول افضل من ضابط قاتل

  3. له الرحمه والمغفرة من الله. أما الشهادة فعلمها عند الله سبحانه وتعالى
    ايها الأب المفجوع ان كنت تبحث عن طرف ثالث قتل فلذة كبدك فقد قتله هؤلاء الذين يمدحونه الان الا وهم اتباع الحزب العجوز الحزب الشيوعي مدعي البطولات الزايفة
    الذين يمجدون ابنك الان اسألهم أين أبنائهم أين إخوانهم كلهم في أمن وأمان وابنك المسكين وأمثاله كثر غر بهم في معترك هدفه وصول اليساريين الي الحكم يعني متجارة بدم ابنك وأمثاله

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..