ثقافة وفنون

فى حفل تأبين القدال… د. محمد الفاتح : القدال ابن بيئته تشرب عصير مفرداتها:

محمد المهدى بشرى : نصه الشعري من ذاكرة غنية بتراث القصيدة الثورية

الخرطوم : محمد اسماعيل

شهد حفل تأبين الشاعر الراحل محمد طه القدال بقاعة الصداقة في اليوم الثاني جلسات نقدية، قدمت من خلالها عدد من الأوراق،  وتعددت الرؤى التى  استلهمت تجربته الشعرية؛  تناوب على الحديث خلالهما نقاد ومثقفون

وكشفت الأوراق مشروع القدال الشعري  والوطني والإنساني، استهل الشاعر عادل سعد ورقته الموسومة ب( التقنيات المعمارية الشعرية ) الذي ذهب إلى أن القدال عِنْدَ النَّظَرِ فِي مُدَوَّنَته الشِّعْرِيَّةِ.. نَجِدُ أنه كَانَ مَهْمُومًا بإنْجَازِ تَعَاقدٍ لِسَانِي بَين سِجِلات لُغَوِيةٍ.. لَهْجِيَّةٍ مُخْتَلِفَةٍ لِلمُكَونَات الإثْنِيةِ السُّودَانِيَّةِ، مشيراً إلى أن هَذَا وَاحِد مِنْ مَشَارِيعِ القَدَالِ الثَّقَافِيّةِ. وقد أسس لِوَحْدَةِ الثّقافَةِ السُّودَانِيةِ العُضوِيَّةِ.. مؤكداً أن  هَذَا الوَعي  اللسَانِي التدَاولِي للغةِ يَكْسِر حَاجِز الممَانَعَة اللُّغَوِيَّةِ.. الوُجْدَانِيَّةٌ وَيعْطِي الخطَابَ الشِّعْرِي فُيُوضَه التَّوَاصُلِيَّةِ، فَتَتَمَتَّن العَلاقَةُ بَيْنَ النَّصِّ وَالقَارِئ المُفْتَرَضِ.

وقال : ظَلّ القَدَّالُ يُمَتِّنُ ضَفِيرَتَهُ اللُّغُوِيَّةِ مِنْ مَجَامِيع القَوَامِيسِ المَحَلِيَّةِ ( انظُرْ: شَاشَاي للدُّومَةِ وَحَلُّومَهْ هَدَّايْ للنَّاسْ دُوبَايْ لِلنِّيلْ- 2007م)، هَذَا مَا أسْمَيْتَهُ التَّضْفِيرَ اللَّهْجِيِّ( مِنْ الضَّفِيرَةِ).

كَمَا أنَّ القَدَالَ أحْيَانًا يُرَحِّلَ النَّصَّ مِنْ سِيَاقِهِ التّارِيخِي إلى سِيَاقِ مُعَاصِرٍ وَيُثْبِتُهُ دَاخِلَ مُتَوَالِيتِهِ الشِّعْرِيَّةِ، فَيَعْمَلُ عَلى تَشْكِيلِ بُعْدٍ سِيَاقِيٍّ جَدِيدٍ مِنْ خِلالِ تَفْجِير الدَّلالَةِ وَتَفْكِيكِ التَّجْرِبَةِ السَابِقَةِ وإخْضَاعِهَا لِحمولاتِهِ المعْرِفِيَّةِ. فَالمَرْأةُ  فِي شِعْرِ القَدَّالِ تُمَثِّلُ  أُفُقًا اسْتِرَاتِيجِيًّا للثَّوْرَةِ.

وَمِنْ هُنَا تُدْرِكُ أنَّ حُضورَ مُسْدَارِ الحَارْدَلُّوْ لَيْسَ حُضورًا مَجَانِيًّا فَهُوُ اسْتِحْضَارٌ لِمُجْمَلِ القِيمِ الجَمَالِيَّةِ وَالأخْلاقِيَّةِ، وَأيُّ انْتِهَاكٍ لِهَذِه القِيمَةِ (الصِّيدَةِ / المَرْأةِ)؛ هُوَ انْتِهَاكُ لِثَرَوَاتِ الشُّعُوبِ، وَمَا ( مَدِيدَة الحِلْبَةْ- الدُّخَانْ- وَالخُمْرَةْ – الوِيقُودْ) إلَّا رُمُوزٌ لِمَوَارِدِ الدُّولِ النَّامِيَّةِ.

مَرَقَتْ بَّرَّهْ

(تَغْلِي مَدِيدَةَ الحِلْبَةْ التَّسَمِّنْ رِدْفَهَا!!/ السَّمِنَ الـمَـبَـسْـتَرْ .. يَانكِي./ وَالوِيقُودْ بِعِيرَاتْ الدُّخَانْ فِي العِينْ/ وفِي الفَشْفَاشْ يَسَوِّي عَمَايْلُو/ شِنْ فَايْدَة مَدِيدَةَ الحِلْبَةْ ؟/ وَالوِيقُودْ .. وبِشِيلُو اليَانْكِي).

يَا أبُو السُّرَّةْ

قَامَتْ مِنْ دَخَاخِينْ العَمَى تَلَمِّعْ وَشِيهَا/ اليَانْكِي مِسْتَنِّيَها../  كَانْ اليَانْكِي مِسْتَنِّيهَا فِي مِرَايْةَ السَّجَمْ فِى اللِّيلْ/ لِقِيتَهَا مِتِلْ فِرِيخْ الطِّيرْ/ مَـرَقْ وَدْ عِيْنَها مِنْ وَدْ عِينَها رَجَّافْةَ المَزَمَّلْ حُمَّى).

بِتَخْصِيصِ العَيْن

وأضاف، تَحدِيدًا اسْتَطَاعَ القدَّال نَقْلَ الرِّسَالَةِ، أيْ الحَالةَ الشُّعُورِيَّةَ فِي صُورَةٍ مَشْهَدِيَّةٍ بِشَكْلٍ تَكْثِيفِيٍّ مُرْعِبٍ، تَّمَتْ عَبْرِ تَسَلْسُلٍ تَتَابُعِيِّ ( لِقِيتَهَا مِتِلْ فِرِيخْ الطِّيرْ – مَـرَقْ وَدْ عِيْنَها مِنْ وَدْ عِينَها – رجَّافة المزمَّـلْ حُمَّـى).

جَـفَلتْ مِنُّو/  وَقَعَتْ عِنْدِي/ صَدْرَهَا يَغْلِي/ يَأبُو السُّرَّةْ شُفْتَ اليَانْكِي فِى وَدْ عِينَهَا/ شِلْتَهَا لِلبَحَـرْ يِمْكِنْ يَغَسِّلْ عِينْهَا مِنَ اليَانْكِي). قال  كَانَتْ الحَركَةُ المَشْهَدِيَّةُ تُعَبِّرُ عَنْ التَّغْيِير؛ وَإنَّ التَّحَوُّلُ الزَّمَنِيُّ عَلى مُسْتَوَى الفِعْلِ المَاضِي الَّذِي يَقْطَعُ الحَرَكَةَ، بَيْنَمَا الفِعْلُ المُضَارِعُ يَعَمَلُ عَلى اسْتِمْرَارِهَا، فَالمُلاَحَظُ أنَّ الحَرَكَةَ الزَّمَنِيَّةَ بَينْ فِعْلِينِ مَاضِيينِ عِنْدَ القَدَّالِ تَنْحُو نَحْوَ تَصْفِيرِ الزَّمَنِ( جَفَلتْ مِنُو – وَقَعَتْ عِنْدِي).  هَذَا التَّضَادُ يَعْكِسُ مَفْهُومًا كُلِيًّا لِلاحْتمَاءِ. فَهِيَ لا تَحْتَمِي إلَّا بِمْنْ تَثِقُ فِيهِ.

وقدم الباحث الدكتور محمد الفاتح ورقة بعنوان  (حرفية انتخاب الألفاظ ونظمها وإدارتها عند القدال)

استهل حديثه بالتأكيد  للقَدَّال قاموس شعري سوداني أصيل، يحسن الشاعر توظيفه في شعره، فيرتكز فيه سهواً رهواً، بدون معاظلة، أشار إلى أن  القَدَّال وظف المأثور من تراثنا الشعبي كالأمثال والحكم، والقصص، والحكايات والأحاجي، ولم يغفل عن (شملة كنيزة القَدَّها رباعي)، والبنينة، فهو ذَوَّاق للمفردات المتخمة بالدلالة، وفي هذا المنحى توثيق حصيف للموروث، وتأسيس لإبداع سوداني خالص.

تشبَّع بالأدب العربي الفصيح، وحفظ جياد القصائد للمتنبي، وأبي تمام والمعري، وله في الشعر الشعبي السوداني معين لا ينضب، عشق شعر الحاردلو، وود ضحوية، والصادق حمد الحلال، وودالشلهمة وود الفراش وعكيرالدامر وشغبة المرغمابية، عالج الشِّعر النبطي ووظَّف الشِّعر الشَّامي في أشعاره تواصلاً مع القضية الفلسطينية.

ويرى  أن  النظم عماداً للنسيج الشعري؛

وأحسن انتخاب مفرداته، وسبكها في منظوماته الشعرية، وهذا ما تسعى إليه الورقة لإبرازه والوقوف عليه.

وأشار  الدكتور محمد الفاتح إلى تلمس أساليب الشاعر القَدَّال ومهاراته، في انتخاب مفرداته، ونظم شعره موظفاً لهذه المفردات ببراعة، الشيء الذي جعله يجد قبولاً كبيراً في السودان وخارجه، ويحدث تأثيراً واضحاً في الحراك الثوري الوطني.

وذهب فى حديثه إلى أن  المكان يسقط ظلاله على  الأشياء، وتفوح عطوره في كل الأزمنة، فقديماً – منذ عصر الجاهلي – كان الوقوف على الأطلال، وكانت محاورة الدِّمن، والشكوى للدور الخالية،

كما في قول قيس بن الملوح

أمرُّ على الدِّيارِ ديارِ ليلى أقبلُّ ذا الجدارَ وذا الجِدارا                                   وما حُبُّ الدِّيارِ شَغفن قلبي ولكِن حب من سكن الديارا…

وفي مقدمتهم

قال تذكر الأماكن والحنين إليها، والارتباط بها، عنصر مهم جداً من عناصر الشعر، وله دلالات رمزية عميقة، تمثل الولاء والوفاء وتحدد جوهر الهوية والانتماء إلى بلد وبيئة بعينها، بكل مقوماتها.

نجد أن المكان قد تخلَّص نوعاً ما من حصار المشاعر، والعواطف الرومانسية، وتحور إلى شكل رمزي يتماهى مع حيوات إنسانية كونية،

قائلاً..هكذا فعلاً كانت قرية حليوة الوادعة الهادئة، في أرض الجزيرة الخضراء، والتي يفتتح بها القَدَّال غناءَه:

يا حليوة

يا زهرة وسمحة

ونسمة وقمحة

تعطر ليل دخلتنا

هقيت للقمر الأبيض

لبناً هتَّف

من ضرعات السَّدرن يومهن

رَتَعن قبل الدُّنيا تغيِّم

ينسرب ويتداعى النص، ليحشد المشتركات بين الناس في هذا المكان، في نغم عذب ومألوف للناس في حليوة وما جاورها، وفي أماكن كثيرة في السودان، تتشابه طقوس حياتها مع حليوة.

واختتم حديثه مؤكدا

أن الشاعر القَدَّال ابن بيئته، تشرَّب عصير مفرادتها وهضمها، ويمكنه إعادة توظيفها، بما يحقق أشواقه وهمومه.

كما قدم بروفيسور محمد المهدي بشرى بعنوان (ورقة مُسدار أبو السرة لليانكي:

جدلية الأصالة والمعاصرة)

مؤكدًا أنه لا يمكن؛ بل قد يستحيل الحديث عن شعر؛ أو قُل شعرية الشاعر الفحل محمد طه القدال (1951 – 2021) دون الحديث عن شعرية أهم معاصريه من مبدعي القصيدة العامية النضالية، أو بالأحرى الثورية، والقدال الذي نحن بصدده واحد من ثلاثة هم مثلث هذه القصيدة، والآخران هما: محمد الحسن سالم حميد (1956م -2012م) ومحجوب شريف (1948-2014م)، فقد مضى هذا المثلث بالقصيدة الثورية إلى آفاق بعيدة وعملوا على استدامتها، وظل ثلاثتهم يتسيدون المشهد الشعري؛ خاصة النضالي منذ سبعينيات القرن الماضي، وإلى يومنا هذا. ويقف معهم في هذا الأمر شعراء آخرون لا يقل عطاؤهم عن عطاء هذا الثلاثي، منهم : عمر الطيب الدوش، وهاشم صديق، وقاسم أبوزيد، ومحمد خير الخولاني وغيرهم. وبالطبع شاعر آخر انطلق ليملأ الفراغ الذي حدث برحيل حميد ومحجوب شريف، وهو بشاعريته الفذة صنو لجميع هؤلاء الشعراء، ألا وهو أزهري محمد علي، وجميع هؤلاء يتقاسمون العديد من الملامح المشتركة يمكن تلخيصها في التوظيف الخلاق للعامية السودانية، أو قل العاميات.

وعلى الرغم من تشابه مثلث القصيدة الثورية في العديد من الملامح  إلا أن لكل منهم بصمته الواضحة التي لا تخطئها العين، وهذه البصمة تعود إلى العامية التي كتب بها أي منهم، وذلك حسب الانتماء العرقي، أو قل البيئة التي نشأ فيها وعاش المبدع.

أضاف؛ أن الشاعر حميد ترجع أصوله لجماعة الشايقية التي تتميز لهجتها بالعديد من الملامح اللغوية وأهمها الإمالة، إلى جانب علاقة هذه اللهجة بالتراث النوبي العريق الذي تظهر مفرداته واضحة في كل ما يتعلق بالزراعة وغير ذلك. أما محجوب شريف والقدال فقد نشأ كلاهما في وسط الجزيرة، لكن محجوب عاد من مسقط رأسه (أبوقدوم) إلى أم درمان منذ صباه الباكر، وتشرب الثقافة الأم درمانية بكل مفرداتها، لكن القدال برغم حضوره إلى العاصمة أو قل أم درمان بالتحديد إلا أنه ظل وفيًّا لتراثه بمسقط رأسه قرية (حليوة)، وتشرب لغة المجموعات العربية مثل الكواهلة والبطاحين والشكرية، واستخدم هذه اللغة ببراعة في نصه الشعري، كما سنوضح. أضف لهذا إعجاب هذا الثالوث بالشاعر الشعبي، خاصة أساطين الشعر الشعبي، وهذا الإعجاب يتمحور حول أسماء بعينها مثل الحاردلو وود شوراني، فنجد مثلاً قاسم أبو زيد يهدي ديوانه (لوحة في عيون طفلة) إلى ود شوراني ومصطفى سيد أحمد (أبو زيد: دون تاريخ) يقول قاسم أبو زيد:

“ود شوراني شاعرنا القوافي مطايبو

سيد أحمد مشيت والحي بيفقد غايبو

مكلوف خيل ومشدود حيل” (نفسه: 9)

وفي جانب آخر نجد أزهري محمد علي يتناص في قصيدة له مع قصيدة الحاردلو ذائعة الصيت، أما شاعرنا القدال فهو يتناص في مسدار أبو السرة مع قصيدة الحاردلو التي يقول في مستهلها (الشم خوخت بردن ليالي الحرّة.. إلى آخر الرباعية)

وأكد بروفيسور مهدي إلى أن هذا المثلث أبدع نصه الشعري من ذاكرة غنية بتراث القصيدة الثورية التي تكتب بالعامية على مدى أكثر من قرنين من الزمان، وهنا نشير إلى القصيدة ذات المضمون السياسي التي تنافح الحكم الأجنبي الظالم.

انظر مثلًا ما قالته بت المكاوي وهي تهجو الحكم التركي البغيض، وتخاطب البطل الثائر محمد أحمد المهدي، كما أشار إلى ذلك المؤرخ محمد عبد الرحيم (عبدالرحيم: د.ت) تقول بت المكاوي:

“طبل العز ضرب هوينه في البرزة

غير طبل أمبكان أنا ما بشوف عزة

إن طال الوبر واسيه بالجزة

وأمَّا عم نيل ما فرَّخت وزة” (نفسه: 16)

وفي جانب آخر نجد رقية بت إمام تفخر بشجاعة وبسالة شقيقها البطل الذي قاد ثورة ضد الإنجليز، حيث أنشدت قصيدتها ذائعة الصيت (بتريد اللطام) (حسن، ج 3، 2002م)، ول(ود حبوبة) كذلك شاعت أغنية (الواعي ما بوصوه) وهي تقول:

“غنيت بجيب مسدار

المكنة بْتَقَاقِي جنبك مدافع النار

يا قص ظ ر الرجال اللي الفِقَر عصار

يا قصر الفراسة اللي الضلع كسار..

وأشار مهدى محافظ الإسكندرية فى ورقته الى  قصيدة (مسدار أبو السرة لليانكي) يقول: نحن إزاء التراث منذ عتبة النص الشعري الأولى، ومصطلح مسدار يحيلنا مباشرة إلى الشعر الشعبي، ومن المعروف أن المسدار هو جنس شعري يطلق على القصيدة التي تحكي

الرحلة إلى ديار المحبوبة، كما أن المصطلح قد يعني مطلق القصيدة التقليدية، وربما تعني في بعض السياقات المرعى أو المورد،

“فالمسدار (وجمعه مسادير) يمثل نوعاً معيناً من القصائد الشعبية التي تسير على نمط الرجز الرباعي، وتعنى بسرد رحلة الشاعر إلى ديار محبوبته، أو إحدى صديقاته من الغواني. قد تكون الرحلة واقعية كما في “مسدار قوز رجب” للشاعر الصادق حمد الحلال أو خيالية كما هو الحال في كثير من المسادير

على كل، إن القدال منذ البداية يرسل إشارة واضحة إلى علاقة نصه بالتراث، أما عن مصطلح أبوالسرة فهو كذلك يشير إلى الشخص الريفي أو قل البدوي البسيط، ذلك أن اسم أبوالسرة اسم نمطي ينتشر في أغلب المجموعات السودانية، خاصة المستعربة، أما مصطلح اليانكي وكما هو معروف فهو الاسم الذي أطلقه الفيتناميون الأشاوس ضد الجنود الأمريكان الذين قدموا من الدنيا الجديدة لقهر شعب فيتنام القوي، وانتهى الأمر بهزيمة مرة لليانكي، وهكذا نحن مع قصيدة أبو السرة أو مسداره ضد اليانكي الذي سبق أن هزم في فيتنام. ونلاحظ إصرار الشاعر على خلق صورة بشعة لليانكي، فمتى ما ذكر هذا اليانكي إلا وكانت تسبقه صفة ذميمة، مثلاً قول الشاعر: “ضقنا الحنضل اليانكي” وقوله: “السمن المبستر.. يانكي” والإشارة هنا للسمن المبستر أي المصنوع وليس الطبيعي، ويقول كذلك: “الناس التحت خابرين عمايل اليانكي” وعندما تحدث الشاعر عن العربان وصفهم قائلاً: “ديل عربان توابع اليانكي” وهكذا فإن اليانكي بكل جبروته وصلفه تحول في القصيدة إلى مجرد شبح.

وعقبت على ورقة بروفيسور محمد المهدي بشرى الاستاذة رباح الصادق قائلة ..

القصيدة نوع من

أنواع استلهام التراث، استلف المسدار فكرة كرحلة للحبيبة أو مكان صيد وجعلها لغرض عام، قال قدال مقدماً للقصيدة في بعض تسجيلاته إنها “محاولة لقيادة الخلق كلهم في مظاهرة لتمثال الحرية”. فالقصيدة قيلت عقب اجتياح شارون للبنان وارتكابه مجازر صبرا وشاتيلا عام 1982 لا أرى المسدار ضرباً من شعر التحرر الوطني كما لدى الخليل ومحجوب وحميد وِفقَما ذكر البروف، فقراءة المسدار عندي أنها قصيدة في أن تحرر الوطن رهين بتحرر عالمي، وأن اليانكي هو المسؤول عن خراب الدنيا.

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..