عين "أبوبكر" أميرًا للحجيج وبقى بالمدينة .. لماذا أخر الرسول الحج ولم يسارع إليه؟

فُرض الركن الخامس للإسلام قبل "حجة الوداع" بعام
عين "أبوبكر" أميرًا للحجيج وبقى بالمدينة .. لماذا أخر الرسول الحج ولم يسارع إليه؟

أدى الرسول صلى الله عليه وسلم فريضة الحج مرة واحدة في عمره، هي المعروفة بـ"حِجة الوداع"، لكن الملاحظ في توقيت "حجة الوداع" أن الرسول أداها في السنة العاشرة للهجرة، على الرغم من توفر الفرصة أمامه، وعدم وجود ما كان يمنع تأديته لها في السنة التاسعة للهجرة، فقد فتح المسلمون بقيادته مكة في السنة الثامنة للهجرة، وفُرض الحج في السنة التي تليها، وكانت الظروف السياسية مواتية تمامًا لتوجهه إلى مكة المكرمة للحج، بعد هزيمة قريش ودخولها الإسلام، ولكن الرسول فضل تأخير حجه، وعيّن أبو بكر الصديق أميرًا للحج في السنة التاسعة، فلماذا أخر الرسول حجه إلى السنة العاشرة؟

وفي إجابته عن هذا السؤال، قال مفتي المملكة الأسبق الشيخ عبد العزيز بن باز: "الأقرب والله أعلم أنه لم يُفرض إلا مُتأخِّرًا، أو لأن هناك مشاغل شغلته عن الحجِّ سنة تسعٍ، فأمر أبا بكرٍ كالتَّوطئة"، مبينًا أن "الرسول لم يتمكن من الحج؛ لأنَّ حجه يحتاج إلى مؤنةٍ لم تتيسر ذاك الوقت"، وللأسباب التي أبداها "ابن باز" رجاحتها، لكنّ هناك تفسيرًا مهمًا في توضيح أسباب تأخير الرسول للحج، طرحه الكاتب أحمد عبد الغفور عطار، في كتابه "حجة النبي وأحكام الحج والعمرة والحج في الإسلام والديانات الأخرى".

وذكر "عطار" أن "الرسول لم يحج منذ فرض الحج في السنة التاسعة؛ لأن الحج لم يكن هو حج كل حجاج بيت الله الحرام، بل كان مع الحج الإسلامي حج وثني، ولكل من الحجين مناسكه، وباختلاف الحجين اختلفت المناسك بينهما، ولا يصح أن يحج الرسول ويشذ عن الاقتداء به كثير الحاجين، كما لا يصح أن يشهد رسول الله مناسك وثنية وعادات مقيتة، فقد كانت مكة إلى ذلك الوقت مدينة مفتوحة للمسلمين الموحدين وللوثنيين المشركين"، وأشار إلى بعض الطقوس التي كان يمارسها المشركون في حجهم، ولم يكن من الوارد قبول الرسول بها مثل، طواف بعض المشركين بالبيت وهم عرايا، ووقوف القريشيين بمزدلفة ورفضهم الوقوف بعرفة؛ وكان من الممكن أن يؤدي منعهم من أداء طقوسهم إلى إشعال حرب.

وبعد أن خرج أبو بكر الصديق للحج، هيأ الله للرسول الظروف الملائمة للحج بنزول سورة التوبة ومنها الآية الكريمة ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ﴾ فأرسل الرسول علي بن أبي طالب بها إلى أبو بكر، ليخبر من حضر من المسلمين والمشركين في الحج بالتعاليم الإلهية الجديدة، التي تحظر دخول المشركين مكة أو طوافهم بالبيت عرايا، وتجعل للإسلام وحده السيادة على المسجد الحرام بما يشمل في حدوده من مشاعر مقدسة، وهي الحالة التي توجه في إطارها الرسول إلى مكة في السنة العاشرة للهجرة ليؤدي مناسك الحج ولم يكن بمكة صنم أو وثن يعبد من دون الله.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org