{جواسيس إردوغان} يلاحقون معارضيه على الأراضي الألمانية

تفتح ملف النشاط الاستخباراتي لأنقرة... وخبير يتحدث عن 8 آلاف عميل

مسجد كولون المركزي أكبر مسجد تركي في أوروبا افتتحه إردوغان عام 2018 (موقع المسجد)
مسجد كولون المركزي أكبر مسجد تركي في أوروبا افتتحه إردوغان عام 2018 (موقع المسجد)
TT

{جواسيس إردوغان} يلاحقون معارضيه على الأراضي الألمانية

مسجد كولون المركزي أكبر مسجد تركي في أوروبا افتتحه إردوغان عام 2018 (موقع المسجد)
مسجد كولون المركزي أكبر مسجد تركي في أوروبا افتتحه إردوغان عام 2018 (موقع المسجد)

جلس حسين دمير، بروفسور علوم القانون في جامعة أنقرة سابقاً، داخل مقهى تركي في منطقة شبانداو في برلين، مع صديقه عمر، رجل الأعمال التركي، يتناولان القهوة ويتسامران همساً.
عندما وصلت لأنضم إليهما، انتقل الحديث من التركية إلى الإنجليزية. بدا الرجلان أكثر ارتياحاً للحديث بلغة لا يفهمها أصحاب المقهى حولنا. قالا لي إنهما يتفاديان الحديث بصوت مرتفع باللغة التركية عندما يكونان في أماكن يرتادها أتراك. وحتى عندما يتحدثان الإنجليزية فهما دائماً حذران مما يقولانه.
حسين وعمر الذي طلب منا تغيير اسمه، هما منفيان سياسيان وصلا إلى ألمانيا في عام 2017، بعد أقل من عام على محاولة الانقلاب في تركيا.
حسين طُرد من وظيفة بعيد الانقلاب وقرر مغادرة البلاد قبل أن يعتقل عندما بدأت موجة الاعتقالات التي تطال القضاة والأساتذة وموظفي القطاع العام. لا يخفي هذا الأكاديمي أنه ينتمي إلى حركة فتح الله غولن، رجل الدين التركي الذي يعيش في المنفى بالولايات المتحدة والذي يتهمه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بتدبير محاولة الانقلاب عام 2016، ولكنه يقول، إن انتماءه للحركة لا علاقة له بالسياسة، وإن الحركة دينية واجتماعية. ونشاطاتها كذلك.
ليلة 15 أغسطس (آب) 2016، كانت محاولة الانقلاب. وبعد أسبوعين كان حسين في طريقه إلى جورجيا، بعد أن استعان ببطاقة هوية شقيقه ليهرب من البلاد. فشقيقه المحامي الذي لا ينتمي إلى الحركة، نصحه بالمغادرة قبل اعتقاله. يتذكر حسين ويروي «قال لي شقيقي يجب أن تغادر لأنهم قد يعذبونك ولن يسمحوا لك برؤية محام لـ30 يوماً، وهي مدة الحبس الاحتياطي». فانتقل من جورجيا إلى شرق أفريقيا، ومنها وصل طالباً اللجوء في ألمانيا في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، بعد أن أوشكت صلاحية جواز سفره على الانتهاء.
أما عمر، فهو كذلك غادر تركيا بعد اعتقال والده الذي كان يشغل منصباً رفيعاً في الدولة، غداة الانقلاب. ولكنه كان أكثر حظاً من غيره، لأنه تمكن من دخول أوروبا من دون الكثير من المصاعب لأن زوجته أوروبية.
لكن مخاوف الرجلين لم تنته بمغادرة تركيا. فالقلق من الملاحقة ظل يرافقهما.
في عام 2017، عندما وصل حسين إلى ألمانيا، كانت دائرة الهجرة واللاجئين التابعة للداخلية الألمانية تكافح للحفاظ على مصداقيتها، بعد فضيحة طرد أكثر من 15 مترجماً تركياً كانوا يعملون لديها، بعد اكتشاف أنهم كانوا جواسيس لدى أنقرة وينقلون معلومات سرية للسفارة التركية في برلين عن المتقدمين بطالبات لجوء.
ولكن دائرة الهجرة تؤكد أنها منذ ذلك الحين باتت متيقظة لهذا الأمر. وفي رد مكتوب لـ«الشرق الأوسط»، قال متحدث باسم الدائرة، إن «المتقدم بطلب لجوء لديه الفرصة للتبليغ عن أي معلومات في هذا الإطار للدوائر الأمنية لكي يتسنى اتخاذ الخطوات المناسبة، كما يمكنه أن يطلب مترجماً مختلفاً، حتى أثناء الاستماع لشهادته، إذا كان لديه سبب لذلك»، مشيراً إلى مساعي دائرة الهجرة لتأمين «مناخ آمن» لطالبي اللجوء يسمح لهم بالحديث «من دون خوف».
وذكر المتحدث، أن السلطات الأمنية تمحص في المتقدمين للعمل مترجمين في دائرة الهجرة، مضيفاً أنه يتوجب على المتقدمين بطلب عمل مترجمين أن يؤمّنوا «شهادة شرطة مفصلة»، وأن يسمحوا بإجراء بحث أمني في خلفيتهم، وإن رفض ذلك يعني أن طلبهم للعمل سيتم رفضه. وتابع، أنه في حال توافر أي أدلة على تصرفات مشبوهة لهم بعد توظيفهم، فيتم التخلي عن خدماتهم على الفور.
وأشار المتحدث إلى أن هذا التقييم الأمني يتم تكراره كل عامين، وأحياناً في شكل متكرر أكثر. وقال أيضاً إنه في حال «تم تقديم ادعاءات ضد المترجمين بانتهاك التزام الحياد، فإن دائرة الهجرة ستقوم بإجراء تحقيق شامل في الأمر، وهذا أدى في السابق إلى التخلي عن العمل مع عدد من المترجمين في الماضي». ولم يحدد المتحدث عدد المترجمين الذين تم طردهم بسبب هذا الأمر.
كل هذه المخاوف دفعت في الواقع حسين دمير إلى رفض إجراء المقابلة معه باللغة التركية، وطلب الحديث باللغة الإنجليزية عوضاً عن ذلك. وقال «طلبت أن تحصل مقابلتي بالإنجليزية لأنني كنت خائفاً من المترجم. فتفهموا مخاوفي وقبلوا وشعرت بأمان أكبر بالحديث عبر مترجم إنجليزي وليس تركياً».
ويقول الخبير في شؤون المخابرات التركية إريك شميت إينبوم في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن دائرة الهجرة واللجوء هي أحد الأماكن التي تستهدفها أنقرة لتجنيد عملاء لديها. ويضيف أن المعلومات التي تسرب عن اللاجئين، تستخدمها تركيا ليس فقط لملاحقة عائلات هؤلاء المتبقين في البلاد، ولكن أيضاً لدحض الأسباب التي دفعتهم لطلب اللجوء.
لكن دائرة الهجرة هي جزء صغير من الأماكن التي تستهدفها أنقرة لنشر عملائها في ألمانيا للتجسس على المعارضين، أكراد في السابق واليوم أضيف إليهم مؤيدو غولن الذين تتزايد أعدادهم بشكل كبير سنوياً في ألمانيا منذ عام 2016.
وفي حين كانت أعداد اللاجئين الأتراك في ألمانيا في عامي 2014 و2015 قرابة الـ1800 طالب لجوء سنوياً، معظمهم من الأكراد، بحسب أرقام رسمية حصلت عليها «الشرق الأوسط» من دائرة الهجرة، فقد ارتفعت هذه الأرقام بشكل كبير منذ عام 2016 حين بلغ عدد المتقدمين باللجوء أكثر من 5700 طلب. واستمرت هذه الأرقام في الارتفاع سنوياً، حتى وصلت العام الماضي إلى قرابة الـ11500، في حين زادت أعداد طالب اللجوء في العام الذي سبقه، أي 2018، على 10 آلاف طلب. ومع تزايد أعداد اللاجئين، تزايدت كذلك أعداد العملاء الأتراك الذين يتجسسون على المعارضين. ويقدر شميت إينبوم الذي كتب كتاباً عن عمل المخابرات التركية في أوروبا، عدد العملاء الأتراك في ألمانيا بأكثر من 8 آلاف عميل، إضافة إلى مئات الجواسيس التابعين مباشرة للمخابرات التركية، وهم يجندون العملاء على الأراضي الألمانية.
ويقول شميت إينبوم الذي يستقي معلوماته من شبكة واسعة من المصادر، بينها أشخاص عملوا في السابق أو ما زالوا يعملون في المخابرات الألمانية، إن لدى المخابرات التركية قرابة الـ9 آلاف جاسوس في العالم، 10 في المائة منهم، أي 800 عنصر، يتوزعون في الدول التي تتحدث الألمانية مثل ألمانيا، والنمسا، وسويسرا. ويضيف بأن الجزء الأكبر منهم يتركز في ألمانيا بسبب العدد الكبير للجالية التركية هنا والتي يقارب عددها على الـ4 ملايين تركي.
ويقول هذا الخبير الألماني، إنه «يوجد عناصر من الاستخبارات التركية غير معروف عددهم يقيمون في ألمانيا، وهم يعملون من خلال السفارة التركية». ويضيف «هناك 12 موظفاً في القنصليات صرحت أنقرة عنهم بأنهم ينتمون إلى الاستخبارات التركية. ولكن هذا كله ليس إلا رأس جبل الجليد». ويعتقد شميت إينبوم بأنه بالإضافة إلى هؤلاء «يوجد عدد كبير من العملاء والمخبرين الذين يسافرون بين تركيا وألمانيا، وهم يعملون في مجالات متعددة في بنوك تركية في ألمانيا أو شركات سفر». وقد قدرت المخابرات الداخلية في ولاية بادن فورتمبيرغ في تقرير صدر قبل أسبوعين أعداداً شبيهة للمخابرات التركية في العالم. ويذكر تقرير المخابرات هذا بأن عملاء إردوغان يراقبون على الأرجح كل النشاطات العامة والمظاهرات التي ينظمها المعارضون الأتراك في ألمانيا، مثل الأكراد ومؤيدي غولن. ويضيف التقرير، أن هؤلاء ممكن أن يتوقعوا أن يقبض عليهم في تركيا في حال حاولوا السفر إلى هناك.
وبالفعل، فقد ألقت السلطات التركية القبض على عدد من حملة الجنسية المزدوجة الألمانية والتركية لدى عودتهم إلى أنقرة؛ ما تسبب في الماضي في الكثير من التوتر بين البلدين. وحتى أن تركيا سلمت ألمانيا لائحة بأسماء مطلوبين تعتبرهم «إرهابيين» لتسليمها إياهم. وفي زيارة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان لبرلين عام 2018، عاد وسلم هذه اللائحة إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
لكن برلين ترفض طلبات أنقرة هذه، وعلى العكس فقد تحركت الشرطة لتحذر الأشخاص الموجودة أسماؤهم على اللائحة من العودة إلى تركيا لأنه قد يلقى القبض عليهم. وقد التقت «الشرق الأوسط» أحد هؤلاء الذين تبلغوا من الشرطة وجود اسمهم على لائحة تركية، ويدعى كميل كان ويعيش في ألمانيا منذ أكثر من 30 عاماً، ويملك محلاً لبيع الخضراوات. ولكنه ينتمي كذلك إلى مجلس إدارة مدرسة تركية في برلين تابعة لجماعة غولن، وهو السبب، على ما يبدو، لإضافة اسمه للائحة.
ويروي الرجل الستيني، أنه تلقى في عام 2017 زيارة من عنصرين من الشرطة حضرا إلى منزله، ليبلغاه بوجود هذه اللائحة. ويقول، إنه منذ ذلك الحين لم يعد إلى تركيا التي كان يزورها سنوياً. ويروي كذلك، أن جيرانه في تركيا أوصلوا إليه رسائل بأن السلطات التركية تبحث عنه. وقبل ذلك، كان كميل قد تبلغ من إمام في مسجد كان يرتاده في منطقة كرويتزبيرغ في برلين، وهي معقل للجالية التركية، بأنه لم يعد بإمكانه الحضور إلى المسجد «بطلب من تركيا».
وإذا كان المترجمون الأتراك يلعبون دوراً في التجسس على المعارضين، فإن الأئمة يلعبون دوراً أكبر وأهم في هذه العمليات. ويقول شميت إينبوم عن ذلك بأن كثيرين من الأئمة الأتراك وعددهم قرابة الـ700 ينتشرون في أكثر من 900 مسجد تابع لما يعرف بـ«ديتيب»، أو الاتحاد الإسلامي للشؤون الدينية في ألمانيا، يلعبون دوراً مهماً في تحديد عملاء لتجنيدهم. ويقول «هؤلاء الأئمة يتبادلون المعلومات مع الدوائر التركية وهم يلعبون دور الوسيط بين المخبرين الأتراك في ألمانيا وحكومة إردوغان في أنقرة». ولا تخفى نشاطات هؤلاء الأئمة على السلطات الألمانية، وقد حاولت عام 2017 فتح تحقيق بحق 19 إماماً تركياً للاشتباه بتجسسهم على معارضين. ولكن القصة أثارت الكثير من الجدل السياسي، وقبل أن يتمكن الادعاء من إصدار مذكرات توقيف كان أنقرة قد سحبت الأئمة وأعادتهم إلى تركيا؛ ما دفع بالادعاء العام لوقف ملاحقتهم.
وفي محاولة للتصدي لذلك، تسعى ألمانيا لإدخال قوانين تمنع جلب أئمة من الخارج وتدريب أئمة عوضاً عن ذلك في ألمانيا يلقون عظات باللغة الألمانية وليس التركية، خاصة أن أكثر من 90 في المائة من الأئمة في ألمانيا يعينون اليوم من الخارج. ودافعت الداخلية عن خططها هذه العام الماضي، وقال وزير الدولة في وزارة الداخلية ماركوس كيربير: «هدفنا ليس «ألمنة» (من ألمانيا) الإسلام، ولكن نريد من المسلمين الذين يعيشون هنا أن يشعروا بأنهم في بلدهم، وأن المجتمع يتقبلهم وهم يغنونه». وأضاف، أنه عندما «يقصد شبان ولدوا وكبروا في ألمانيا، المسجد للحصول على النصح من الإمام، سيكون من الجيد لو أن لدى الطاقم الديني في المسجد خبرة بالحياة اليومية في ألمانيا».
وحاولت الداخلية كذلك طرح فرض «ضريبة» على المساجد، أسوة بضريبة الكنائس التي تجمع من المسيحيين لتمويل الكنائس، في محاولة لتخفيف التأثير والتمويل التركي على المساجد. ولكن الاقتراح رفض من المسلمين في ألمانيا، ووضع في الدرج على الأقل حتى الآن.
هذا النشاط الكبير للمخابرات التركية في ألمانيا، يدفع بالشرطة لتأمين الحماية لمئات المعارضين الأتراك بسبب تلقيهم تهديدات قد تعرض حياتهم للخطر. من بين هؤلاء الصحافي التركي تشان دوندار الذي اعتقل في تركيا عام 2015 بعد أن نشر تحقيقاً يتحدث عن نقل المخابرات التركية لذخائر وأسلحة لمقاتلي «داعش» عبر الحدود إلى سوريا. واتهم دوندار بالعمالة وتسريب أسرار الدولة.
ولكن أمام الضغوط الدولية، أطلق سراحه بانتظار محاكمته، فلجأ إلى ألمانيا، حيث يعيش الآن. وفي عام 2018، عندما زار إردوغان برلين، أحدث الرئيس التركي جلبة كبيرة. وهدد بإلغاء المؤتمر الصحافي المشترك مع ميركل في حال سمح لدوندار بحضوره، واصفاً إياه بأنه «إرهابي ومطلوب في تركيا»، داعياً السلطات الألمانية إلى تسليمه. واضطرت برلين إلى الضغط على الصحافي التركي للتنازل عن حضور المؤتمر الصحافي تفادياً لإحراج إلغاء المؤتمر بأكمله. وتنازل دوندار عن الحضور، لكنه منذ ذلك الحين حصل على الحماية من الشرطة خوفاً من أن تختطفه «القوات الخاصة» لإردوغان التي شوهدت في شوارع برلين أثناء تواجد الرئيس التركي في العاصمة الألمانية.
ولكن الشرطة نفسها مخترقة كذلك من قبل المخابرات التركية، وقد دق البعض في الفترة الأخيرة جرس الإنذار من تزايد أعداد الأتراك الألمان داخل الشرطة. وفي عام 2018، فتح الادعاء العام تحقيقاً في شرطي في برلين تبين أنه يمرر معلومات عن معارضين أتراك للسفارة التركية. واكتشفت السلطات الألمانية أمر الشرطي، بعد أن شاهده محققون ألمان كانوا يراقبون أحد الجواسيس الأتراك الذي يعمل في السفارة التركية في برلين، يلتقي بالشرطي الذي سلمه ملفاً. وتبين لاحقاً أن الملف كان يتضمن أسماء وعناوين وأرقام معارضين أتراك في برلين.
وتعرف السلطات الألمانية بوجود آلاف المخبرين الأتراك لديها، ولكنها لا تبذل الكثير لملاحقتهم، وعلى العكس فإن العلاقات الاستخباراتية بين الدولتين كانت جيدة لفترة طويلة. إلا أنها بدأت تتدهور في السنوات الماضية بسبب تزايد المطالب التركية بتسليم «مطلوبين»، وهو ما تعتبره برلين غير منطقي. ولكن أيضاً بسبب رفض المخابرات التركية تزويد ألمانيا لمعلومات عن مقاتلين ألمان انضموا لـ«داعش». ويقول شميت إينبوم عن هذه العلاقات بين المخابرات التركية والألمانية: «منذ ثمانينات القرن الماضي الاستخبارات الألمانية الداخلية كانت تمرر معلومات للاستخبارات التركية عن معارضين، وعلى رأسهم عناصر من حزب العمال الكردستاني... تقليدياً كانت العلاقات جيدة جداً، والتعاون كان كبيراً بين جهازي الاستخبارات التركي والألماني».
ولكنه يشير إلى أن هذه العلاقات «أصبحت سيئة للغاية اعتباراً من عام 2016، أولاً لأن الجانب التركي بدأ بدعم المتطرفين في ليبيا مثلاً، وأيضاً لأنه كان هناك الكثير من الألمان المتطرفين الذين التحقوا بـ«داعش»، وحينها توجهت الاستخبارات الألمانية بالسؤال للجانب التركي حول المغادرين من ألمانيا إذا ما توقفوا في تركيا وأين، فامتنع الأتراك عن إعطاء المعلومات حينها، وهذا الأمر أساء إلى العلاقات بين جهازي الاستخبارات».
وفي عام 2017، أصدرت المحكمة العليا في مدينة هامبورغ حكماً بالسجن لمدة عامين على رجل يبلغ 32 عاماً، بتهمة التجسس على معارضين أكراد لصالح الاستخبارات التركية. وتضمنت التهم كذلك في البداية، التخطيط لقتل معارض تركي، إلا أن الادعاء لم يتمكن من إثبات ذلك.
ورغم عدم إثبات هذه التهمة، فإنه يبدو بأن الاستخبارات التركية فكرت في اللجوء لعميات خطف وقتل لمعارضيها في ألمانيا، بحسب الخبير الألماني شميت إينبوم الذي يقول «كان لدى الاستخبارات التركية خطة للقيام بعمليات خطف وتصفية لنشطاء أتراك بينهم أنصار فتح الله غولن، والأكراد في ألمانيا، وحينها قالت الحكومة الألمانية للجانب التركي، إنه في حال تم ذلك فسيعني ذلك أن هناك خطاً أحمر تم تجاوزه، وبالتالي ستعلن ألمانيا عن من يعمل في الاستخبارات التركية في ألمانيا وتطردهم».
ورغم أن ألمانيا لا تتحرك سياسياً كثيراً للضغط على تركيا تفادياً لتصعيد التوتر، خاصة مع تهديد إردوغان المستمر بإرسال موجة لاجئين جديدة إلى أوروبا، فهي قد تتحرك باتجاه ممارسة ضغوط إضافية عليها الآن بعد تسملها رئاسة الاتحاد الأوروبي الدورية.
ويقول النائب فرانك شوابيه، عن الحزب الديمقراطي الاشتراكي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن ألمانيا قد تلجأ للتهديد بطرد تركيا من المجلس الأوروبي في حال رفضت الخضوع لقرارات مجلس حقوق الإنسان في ستراسبورغ والذي يستمع حاليا لمجموعة من القضايا المتعلقة بملاحقة أتراك فقط لأنهم معارضون. وقال شوابيه، إنه لن يكون من مصلحة تركيا الخروج من المجلس الأوروبي، مضيفاً أنه يعتقد أن التهديد بذلك قد يدفع تركيا لتخفيف ملاحقاتها للمعارضين. وانضمت تركيا للمجلس الأوروبي عام 1950 بعيد تأسيسه، وطردها منه قد تكون له انعكاسات كبيرة عليها لجهة علاقتها مع الاتحاد الأوروبي.
وبينما تستمر ألمانيا بالتفكير بطريقة للتصدي لتركيا ومحاولاتها التجسسية على أراضيها، يستمر المعارضون الأتراك في العيش بألمانيا، متفادين الاندماج مع الأتراك القدامى؛ خوفاً من عمليات تجسس عليهم. ويقول سليم شفيك، وهو محلل سياسي تركي في معهد العلوم الاقتصادية والسياسية في برلين، إن الواصلين الجدد يختلفون كثيراً عن القدامى: «هما طبقتان اجتماعيتان مختلفتان جداً، الذين جاءوا في البداية كانوا عمالاً جاءوا للعمل في المصانع، بينما الواصلون الجدد هم متعلمون أكثر، ويسهل اندماجهم أكثر، وهم لديهم حوافز سياسية وليسوا محفزين فقط بإيجاد وظيفة مثل القادمين الأوائل».
وبعد الحرب العالمية الثانية فتحت ألمانيا باب الهجرة العاملة من تركيا للتعويض عن نقص العمالة لديها، ولإعادة تحريك عجلة الاقتصاد. وقدِم مئات الآلاف من العمال الأتراك كـ«عمال ضيوف مؤقتين»، ولكنهم مكثوا في ألمانيا، وإن في مجتمع موازٍ تقريباً، متمسكين بثقافتهم وهويتهم وقوميتهم. وهو ما استغله إردوغان لتجنيد آلاف العملاء من بينهم وتحريضهم للتجسس على مواطنيهم.
ويقول حسين دمير، الذي أسس جمعية لمساعدة اللاجئين الأتراك في برلين، إنه رغم انتقاله لألمانيا بحثاً عن الأمان، لكنه ما زال يخاف من الحديث بحرية أمام الآخرين. ويضيف «أتردد بالحديث على الهاتف باللغة التركية خوفاً من أن يفهمني أحد ويعتدي عليّ أو يهينني لأن هذا الأمر حصل مع صديقي، كان يتحدث مع أحد على الهاتف في القطار عندما بدأ فجأة شبان يصرخون: إرهابي».
ومشاكل معارضي إردوغان لا تتوقف هنا، بل إن الكثير منهم عاجز عن إصدار أوراق رسمية من السفارة. يروي عمر تجربته، ويقول «عندما وصلت إلى هنا حاولت الذهاب إلى السفارة لكي أحصل على ورقة تفويض لأحد في تركيا ولم آخذ جوازي معي؛ لأنني سمعت قصصاً بأنهم قد يأخذونه». ويضيف «سألت إذا كان بإمكاني استخدام هويتي فعندما رأوا اسمي قالوا إن هناك علامة حمراء على اسمي ولا يمكن استخدام جوازي». جواز سفر عمر تنتهي صلاحيته قريباً، وهو لن يتمكن من تجديده. سيضطر عمر إلى طلب وثيقة سفر خاصة من ألمانيا كي يتمكن من السفر داخل أوروبا. ولن يكون وحده. فعشرات الآلاف من معارضي إردوغان الموجودين في أوروبا، باتوا من دون أوراق رسمية تركية. هم عالقون بين بلدهم الأم وبلدهم المضيف الذي لا يمكنهم حمل جوازه قبل مرور 8 أعوام على الأقل من الإقامة فيه.



300 قتيل في فيضانات «مفاجئة» شمال أفغانستان

TT

300 قتيل في فيضانات «مفاجئة» شمال أفغانستان

شاب أفغاني يزيح الطين من خارج بيته في بغلان، في 11 مايو (أ.ف.ب)
شاب أفغاني يزيح الطين من خارج بيته في بغلان، في 11 مايو (أ.ف.ب)

​تسببت فيضانات مفاجئة، ضربت شمال أفغانستان، في مصرع أكثر من 300 شخص في عدة ولايات، وفق ما أفادت الأمم المتحدة، السبت، فيما أعلنت السلطات حالة طوارئ وأرسلت فرق إنقاذ. وأدّت أمطار غزيرة، الجمعة، إلى فيضان أنهار، وتسببت بسيول طينية في قرى وأراض زراعية في عدة ولايات، كما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية». ونشرت السلطات ومنظمات غير حكومية طواقم إنقاذ ومساعدات، محذرة من عزل بعض المناطق بسبب الفيضانات.

حصيلة ثقيلة

تعد ولاية بغلان (شمال) بين أكثر المناطق تضرراً؛ حيث قضى أكثر من 300 شخص فيها وحدها، ودُمرت أو تضررت آلاف المنازل، وفق برنامج الأغذية العالمي. وقالت رنا دراز، مسؤولة الاتصالات في الوكالة التابعة للأمم المتحدة في أفغانستان، إنه «بناء على المعلومات الحالية؛ قضى 311 شخصاً في ولاية بغلان، ودمر 2011 منزلاً، وتضرر 2800 منزل».

أفغان يدفنون أهاليهم الذين قضوا في الفيضانات بولاية بغلان، السبت (أ.ف.ب)

من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية عبد المتين قاني، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن 131 شخصاً لقوا حتفهم في بغلان، مشيراً إلى أن الحصيلة قد ترتفع لأن «العديد من الأشخاص ما زالوا في عداد المفقودين». وأضاف قاني أن 20 شخصاً آخرين لقوا حتفهم في ولاية تخار (شمال) واثنين في بدخشان المجاورة. وقال الناطق باسم حكومة طالبان، ذبيح الله مجاهد، في منشور على منصة «إكس» السبت: «لقي المئات من مواطنينا حتفهم في هذه الفيضانات الكارثية». وأضاف: «علاوة على ذلك، أحدث الفيضان دماراً كبيراً في العقارات السكنية، ما أدى إلى خسائر مادية كبيرة». وأكد المسؤولون أن الأمطار التي هطلت الجمعة تسببت في أضرار جسيمة في بغلان وتخار وبدخشان، وكذلك في ولايتي غور وهرات (غرب)، في بلد يعاني من الفقر ويعتمد بشكل كبير على الزراعة.

أفغاني يحمل بعض مقتنياته التي تمكن من إخراجها من منزله في إقليم بغلان (أ.ف.ب)

وقال جان محمد دين محمد، أحد سكان مدينة بل خمري عاصمة ولاية بغلان: «لقد جرفت الفيضانات منزلي وحياتي كلها». وأضاف أن عائلته تمكنت من الفرار إلى مناطق مرتفعة، لكن عندما تحسن الطقس وعادوا إلى منازلهم: «لم يتبق شيء، لقد دمرت جميع ممتلكاتي ومنزلي». وتابع: «لا أعرف إلى أين آخذ عائلتي... ولا أعرف ماذا أفعل».

حالة طوارئ

قالت وزارة الدفاع إن فرق الطوارئ هرعت لإنقاذ المصابين والمحاصرين. وأمرت وزارة الدفاع قطاعات عسكرية عدة «بتقديم المساعدة لضحايا هذا الحادث بكل الإمكانات المتاحة». وقالت القوات الجوية إنها بدأت عمليات إخلاء مع تحسّن الأحوال الجوية، السبت، مشيرة إلى أنه تم نقل أكثر من مائة مصاب إلى المستشفى، من دون أن تحدد الولايات المعنيّة. وأضافت أنه «مع إعلان حالة الطوارئ في المناطق (المتضررة)، بدأت وزارة الدفاع الوطني بتوزيع المواد الغذائية والأدوية والإسعافات الأولية على المتضررين».

تسببت الفيضانات في مقتل المئات ودمار واسع شمال أفغانستان (أ.ف.ب)

وغمرت المياه مساحات زراعية مترامية في بلد يعتمد 80 في المائة من سكانه، البالغ عددهم أكثر من 40 مليون نسمة، على هذا القطاع لتوفير معيشتهم. وشهدت أفغانستان شتاء جافاً نسبياً وتعاني من اضطرابات مناخية. ويؤكد خبراء أنّ البلد الذي مزقته الحرب خلال أربعة عقود، هو من بين أفقر البلدان في العالم وأقلها استعداداً لمواجهة عواقب تغيّر المناخ. وقال مقرر الأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان في أفغانستان، ريتشارد بينيت، عبر منصة «إكس» إن الفيضانات «تذكير صارخ بضعف أفغانستان أمام أزمة المناخ». وأضاف أن «هناك حاجة إلى مساعدات فورية وتخطيط طويل المدى من جانب طالبان والجهات الفاعلة الدولية».


تدشين «مجلس علماء آسْيان» في كوالالمبور

جانب من مراسم التدشين (رابطة العالم الإسلامي)
جانب من مراسم التدشين (رابطة العالم الإسلامي)
TT

تدشين «مجلس علماء آسْيان» في كوالالمبور

جانب من مراسم التدشين (رابطة العالم الإسلامي)
جانب من مراسم التدشين (رابطة العالم الإسلامي)

دشن الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، الدكتور محمد العيسى، في العاصمة الماليزية كوالالمبور: «مجلسَ علماء جنوب شرقي آسيا»، برعاية من رئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم، وحضور نائبه الدكتور أحمد زاهد حميدي، إضافة إلى كبار العلماء والمفتين في دُوَل الآسيان، وفقاً لبيان صادر عن الرابطة. ويُعدُّ «مجلس علماء آسيان» أولَ مجلسٍ إسلامي جامعٍ في المنطقة، ويضمّ كبارَ المفتين والعلماء في دُوَل جنوب شرقي آسيا، وهو باكورة «المجالس العُلَمائية الإقليمية» التي عمِلت رابطة العالم الإسلامي على تأسيسها حول العالم، كما يمثّل «مجلس علماء آسيان» منصّة لجمع كلمة العلماء تجاه قضاياهم الكبرى، يتمُّ فيها تداوُل الأفكار وتوحيد الرؤى، للتوصُل إلى حلولٍ للمشكلات المُشترَكة في دُوَلِ جنوب شرقي آسيا. وسيكون المجلس جسراً للتواصل بين الشعوب داخل دول المنطقة، وبينها وبين العالم الإسلامي، بالإضافة إلى إطلاق مبادراتٍ عملية لتعزيز الهُوية الإسلامية في إطار الوئام المجتمعي والمواطَنة الشاملة. ويأتي تدشين المجلس تنفيذاً لتوصيات «مؤتمر علماء جنوب شرقي آسيا» الذي عُقِدَ في كوالالمبور بتاريخ 30 يونيو (حزيران) 2022؛ حيث أوصى المؤتمر بإنشاء مجلس علماء في جنوب شرقي آسيا تحت مظلة رابطة العالم الإسلامي، وقد حظِيت التوصية بموافقة من رئيس وزراء ماليزيا. وفي مستهلِّ حفل تدشين المجلس، ألقى الوزير في رئاسة مجلس الوزراء للشؤون الدينية بماليزيا، السيناتور حاج محمد نعيم بن حاج مختار، كلمة ترحيبية، تقدّم فيها بالشكر للعيسى على تعاونه مع الحكومة الماليزية في هذا الحدث المهم. وأعلن العيسى عن تدشين أُولى جلسات المجلس، عبر كلمة أكَّد فيها أهمِّية وَحدة كلمة علماء المنطقة في قضاياهم الإسلامية الكُبرى، منوِّهاً بدور هذا المجلس في الاضطلاع بمهمة توحيد الرأي في القضايا العامة، وفي طليعتها التصدِّي لحملاتٍ مُغرضة تستهدفُ دينَ الإسلام إمَّا عن جهلٍ أو عمد. وأكَّد أمين الرابطة أنَّه على العلماء أنْ يضطلعوا بمسؤوليتهم «في مواجهة تلك الحملات التي تولَّدت عنها، مع الأسف، أفكارُ ما يُسمَّى الإسلاموفوبيا (رُهاب الإسلام)، التي جاءت من فهمٍ خاطئٍ عن دين الإسلام أو من مواقف مُتَعَمّدة الإساءة ومن ثم الترويج لها». وعبَّر العيسى عن تطلُّعه إلى أنْ تَصْدر عن هذا المجلس، تِبَاعاً، جهودٌ في التصدي لتلك الحملات بكل السبل. ونبَّه الأمين إلى أنَّ العلماء يتحمَّلون مسؤولية كبيرة في هذا الشأن وغيره من قضايا الأمة الكبرى، وعليهم بخاصة تبصير الشباب الإسلامي وتعزيز وعيهم وتحصين أفكارهم من عاديات الشرّ، كما أكد أهمية دور الأسرة والتعليم.


ارتفاع عدد قتلى الأمطار الغزيرة في جنوب البرازيل إلى 113

منطقة غمرتها الفيضانات في إلدورادو بمنطقة بورتو أليغري الحضرية - البرازيل (إ.ب.أ)
منطقة غمرتها الفيضانات في إلدورادو بمنطقة بورتو أليغري الحضرية - البرازيل (إ.ب.أ)
TT

ارتفاع عدد قتلى الأمطار الغزيرة في جنوب البرازيل إلى 113

منطقة غمرتها الفيضانات في إلدورادو بمنطقة بورتو أليغري الحضرية - البرازيل (إ.ب.أ)
منطقة غمرتها الفيضانات في إلدورادو بمنطقة بورتو أليغري الحضرية - البرازيل (إ.ب.أ)

أعلن جهاز الدفاع المدني في البرازيل، الجمعة، أن عدد القتلى جراء هطول أمطار غزيرة على ولاية ريو غراندي دو سول ارتفع إلى 113 بعد أن سجل 107 في اليوم السابق، في حين لا يزال 146 شخصاً آخرين في عداد المفقودين، بحسب «رويترز».

وأسفرت عواصف وفيضانات تضرب الولاية الواقعة في أقصى جنوب البرازيل، ويسكنها نحو 10.9 مليون نسمة، إلى نزوح أكثر من 337 ألف شخص.

منظر جوي للفيضانات في إلدورادو دو سول بولاية ريو غراندي دو سول - البرازيل (أ.ف.ب)

وألحقت الفيضانات الناجمة عن العواصف في الأيام القليلة الماضية أضراراً بنحو ثلثي عدد البلدات والمدن في الولاية البالغ عددها 500 بلدة ومدينة؛ مما أدى إلى نزوح أكثر من 88 ألف شخص.

ودمّرت المياه طرقاً وجسوراً في مدن عدة بالولاية. وسببت الأمطار أيضاً انهيارات أرضية وانهياراً جزئياً لسد في محطة صغيرة لتوليد الطاقة الكهرومائية.


دعم منتظر للمساعي الفلسطينية لنيل العضوية الكاملة بالأمم المتحدة

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يلقي كلمة أمام الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في 23 سبتمبر 2022 بمقر الأمم المتحدة بنيويورك (أ.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يلقي كلمة أمام الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في 23 سبتمبر 2022 بمقر الأمم المتحدة بنيويورك (أ.ب)
TT

دعم منتظر للمساعي الفلسطينية لنيل العضوية الكاملة بالأمم المتحدة

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يلقي كلمة أمام الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في 23 سبتمبر 2022 بمقر الأمم المتحدة بنيويورك (أ.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يلقي كلمة أمام الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في 23 سبتمبر 2022 بمقر الأمم المتحدة بنيويورك (أ.ب)

من المنتظر أن تدعم الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم (الجمعة)، المساعي الفلسطينية للحصول على العضوية الكاملة بالمنظمة الدولية من خلال الاعتراف بالأهلية للانضمام، وإرسال الطلب مجدداً لمجلس الأمن الدولي «لإعادة النظر في الأمر بشكل إيجابي».

وجدد الفلسطينيون مسعاهم لنيل عضوية الأمم المتحدة الكاملة، بما يعني اعترافاً عملياً بدولة فلسطينية، بعد أن استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد ذلك المسعى الشهر الماضي.

وسيعد التصويت الذي ستجريه 193 دولة عضواً في الجمعية العامة اليوم بمثابة استطلاع عالمي للدعم الذي يحظى به الفلسطينيون. وعادة ما يحتاج طلب التحول للعضوية الكاملة موافقة مجلس الأمن أولاً ثم الجمعية العامة.

وعلى الرغم من أن الجمعية العامة وحدها لا يمكنها منح العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، سيمنح مشروع القرار الذي يطرح للتصويت، اليوم (الجمعة)، الفلسطينيين، بعض الحقوق الإضافية والميزات اعتباراً من سبتمبر (أيلول) 2024 مثل مقعد مع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في قاعة الجمعية لكن دون الحق في التصويت بها.

ويقول دبلوماسيون إنه من المرجح أن تحظى صياغة مسودة القرار بالتأييد المطلوب لتبنيها.

وللفلسطينيين حالياً وضع دولة غير عضو لها صفة مراقب، وهو اعتراف فعلي بدولة من الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2012.


أميركا تفرض قيوداً تجارية بحق شركات صينية على صلة بمنطاد التجسس

المنطاد الصيني المشتبه به بالتجسس خلال إسقاطه فوق مياه ولاية ساوث كارولاينا الأميركية في 4 فبراير 2023 (رويترز)
المنطاد الصيني المشتبه به بالتجسس خلال إسقاطه فوق مياه ولاية ساوث كارولاينا الأميركية في 4 فبراير 2023 (رويترز)
TT

أميركا تفرض قيوداً تجارية بحق شركات صينية على صلة بمنطاد التجسس

المنطاد الصيني المشتبه به بالتجسس خلال إسقاطه فوق مياه ولاية ساوث كارولاينا الأميركية في 4 فبراير 2023 (رويترز)
المنطاد الصيني المشتبه به بالتجسس خلال إسقاطه فوق مياه ولاية ساوث كارولاينا الأميركية في 4 فبراير 2023 (رويترز)

أضافت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، عشرات الكيانات الصينية لقائمة القيود التجارية، اليوم الخميس، ومنها كيانات تثار مزاعم بأنها دعمت منطاد التجسس الذي حلق فوق الولايات المتحدة العام الماضي مما زاد التوتر بين بكين وواشنطن.

وقالت وزارة التجارة أيضاً إنها ستضيف بعض وحدات مؤسسة التكنولوجيا الإلكترونية الصينية إلى القائمة، متهمة إياها بمحاولة الحصول على تكنولوجيا أميركية لدعم قدرات تكنولوجيا الكم الصينية، «التي لها تداعيات خطيرة على الأمن القومي الأميركي» بسبب تطبيقاتها العسكرية.

وقالت وسائل الإعلام، وفقاً لوكالة «رويترز»، إن المؤسسة المملوكة للدولة هي من كبار موردي المعدات العسكرية.

وتستخدم الولايات المتحدة قائمة القيود التجارية، المعروفة باسم قائمة الكيانات، لوقف تدفق التكنولوجيا إلى الصين وسط مخاوف من أن بكين قد تستخدمها لتعزيز قدراتها العسكرية.

ويضيف وضع كيانات على القائمة المعنية صعوبات على الموردين الأميركيين لتلبية الطلبات إلى الجهات المستهدفة.


بوتين: روسيا بيلاروسيا تستعدان لإجراء تدريبات على أسلحة نووية تكتيكية

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس بيلاروسيا ألكساندر لوكاشينكو (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس بيلاروسيا ألكساندر لوكاشينكو (أرشيفية - رويترز)
TT

بوتين: روسيا بيلاروسيا تستعدان لإجراء تدريبات على أسلحة نووية تكتيكية

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس بيلاروسيا ألكساندر لوكاشينكو (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس بيلاروسيا ألكساندر لوكاشينكو (أرشيفية - رويترز)

نقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء اليوم (الخميس) عن الرئيس فلاديمير بوتين قوله إن قوات تابعة لروسيا وبيلاروسيا بدأت استعدادات مشتركة لإجراء تدريبات على أسلحة نووية تكتيكية.

وأكد الرئيس الروسي، في كلمة له بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ79 لعيد النصر على النازية، أن روسيا لن تسمح لأحد بتهديدها.

وقال بوتين اليوم (الخميس): «روسيا ستبذل قصارى جهدها لمنع نشوب صراع عالمي»، بحسب ما ذكرته وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء.

وتابع الرئيس الروسي: «ولكن في الوقت نفسه لن نسمح لأي شخص بتهديدنا»، مضيفا: «قواتنا الاستراتيجية في حالة استعداد قتالي دائم».

وأشار بوتين إلى أن «الانتقام، والاستهزاء بالتاريخ، والرغبة في تبرير أتباع النازيين الحاليين هي جزء من السياسة العامة للنخب الغربية للتحريض على المزيد والمزيد من الصراعات الإقليمية، والعداء بين الأعراق والأديان لاحتواء المراكز السيادية والمستقلة للتنمية العالمية».


التزام صربي - صيني بتعزيز العلاقات الثنائية

دعا شي لتعزيز العلاقات الدبلوماسية مع صربيا (رويترز)
دعا شي لتعزيز العلاقات الدبلوماسية مع صربيا (رويترز)
TT

التزام صربي - صيني بتعزيز العلاقات الثنائية

دعا شي لتعزيز العلاقات الدبلوماسية مع صربيا (رويترز)
دعا شي لتعزيز العلاقات الدبلوماسية مع صربيا (رويترز)

فرش الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش السجاد الأحمر، الأربعاء، للرئيس الصيني شي جينبينغ الذي يسعى إلى تعميق العلاقات السياسية والاقتصادية مع أحد البلدان الأكثر تودداً للصين في أوروبا. وأنفقت الصين المليارات في صربيا ودول البلقان المجاورة، خصوصاً في مجالَي التعدين والصناعة. ووقعت بكين وبلغراد العام الماضي اتفاقاً للتجارة الحرة. واستقبل فوتشيتش على السجاد الأحمر ضيفه شي وزوجته بينغ ليوان خارج المقر الرئيسي للحكومة في بلغراد، حيث استُقبل الزعيم الصيني بمراسم التحية بطلقات المدفعية، وبعزف النشيد الوطني الصيني، قبل أن يصافح مسؤولين من بينهم رئيس الوزراء ومحافظ البنك الوطني الصربي، كما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية». وحيا الرئيسان من الشرفة عدة آلاف من الأشخاص الذين تجمعوا في الخارج، وبعضهم يلوح بالأعلام الصينية.

«صديق صربيا»

رحّب فوتشيتش بالرئيس شي، الذي وصفه بأنه «صديق صربيا». وأضاف «كل هذا القدر من الاحترام والحب الذي سيجده هنا في صربيا، لن يجده في أي مكان آخر». وقال للحشد بينما كان شي يصفق: «لدينا موقف واضح وبسيط فيما يتعلق بسلامة الأراضي الصينية. نعم، تايوان هي الصين». ولا شك أن هذه الكلمات كان لها وقع جيد على مسامع شي جينبينغ، لأن معظم القادة الأوروبيين، حتى لو كانت بلدانهم لا تعترف بتايوان، يمتنعون عادة عن الإدلاء بتصريحات مماثلة بهذه الصراحة والحزم. وكثّفت الصين في السنوات الأخيرة ضغوطها على تايوان، التي عجزت عن احتلالها منذ نهاية الحرب الأهلية الصينية في عام 1949.

وقّع الرئيسان الصربي والصيني اتفاقيات في بلغراد 8 مايو (أ.ف.ب)

وتؤكد بكين أن الجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي هي جزء من أراضيها، وهي لا تستبعد استخدام القوة لإخضاعها للسيطرة الصينية. وعندما جلس الرئيسان في مستهل اجتماعهما، بادر شي بالقول لفوتشيتش إن هناك «شعوراً قوياً بالصداقة بين بلدينا». على أثر ذلك وقّع الجانبان إعلاناً بشأن تعزيز علاقات البلدين الدبلوماسية، وشهدا على تقديم وعود تجارية مختلفة، مثل شراء قطارات صينية، وفتح خطوط جوية جديدة، وزيادة الواردات من المنتجات الصربية.

ووصل شي إلى العاصمة الصربية، التي ازدانت شوارعها بالأعلام الصينية ولافتات عبّرت عن «الترحيب الحار بالأصدقاء الصينيين»، ليل الثلاثاء بعد زيارة دولة لفرنسا تخللتها أحياناً نقاشات حادة نوعاً ما مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن قضايا، بينها التجارة ومواصلة الصين إقامة علاقات وثيقة مع روسيا رغم الحرب في أوكرانيا. لكنّ الدولتين الأخريين اللتين اختار شي التوقف فيهما في أول زيارة يقوم بها لأوروبا منذ عام 2019 تُعدّان من بين البلدان الأكثر تعاطفاً مع موسكو في أوروبا، إذ إنه سيزور المجر بعد صربيا.

رمزية تاريخية

وتتزامن زيارة شي لبلغراد مع ذكرى مرور 25 عاماً على قصف الولايات المتحدة عام 1999 مقر السفارة الصينية في العاصمة الصربية، في عملية أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص. وقال فوتشيتش للحشود: «لا تنسوا أن أصدقاءنا الصينيين كانوا معنا قبل 25 عاماً، عندما تعرض هذا البلد للقصف والهدم. لقد دفعوا ثمناً باهظاً، لقد فقدوا أشخاصاً على بعد بضع مئات من الأمتار فقط من هنا في هذا اليوم بالذات».

حظي شي باستقبال شعبي واسع في بلغراد 8 مايو (رويترز)

وتعرّضت السفارة للقصف خلال حملة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) بقيادة الولايات المتحدة استمرت أشهراً، واستهدفت قوات الأمن الصربية التي كانت تشن حرباً عنيفة ضد متمرّدين من العرقية الألبانية في كوسوفو. واعتذرت الولايات المتحدة لاحقاً، قائلة إن خرائط قديمة دفعت الطيار إلى ضرب الهدف الخطأ. وكتب شي في صحيفة «بوليتيكا» الصربية، الثلاثاء: «قبل 25 عاماً من اليوم، قصف الناتو بشكل صارخ السفارة الصينية في يوغوسلافيا»، مؤكداً أن بكين لن تسمح «بتكرار مثل هذا التاريخ المأساوي». كما أشاد «بالصداقة المتينة» بين الصين وصربيا، التي قال إنها «سُطّرت بدم أبناء بلدينا». وفي حديثه للصحافة، دعا شي جينبينغ من جديد الصين وصربيا إلى «أن تدعما بحزم المصالح الأساسية لبعضهما بعضاً».

قضيتا تايوان وكوسوفو

تدافع صربيا عن مطالب الصين في تايوان. وفي المقابل، تدعم بكين بلغراد بشأن كوسوفو، وهي المنطقة التي أعلنت استقلالها، ولكن ما زال وضعها محل نزاع. وقال شي جينبينغ، الأربعاء، إن «الصين تدعم صربيا... في جهودها لحماية سيادتها الوطنية وسلامة أراضيها فيما يتعلق بقضية كوسوفو».

وقال ماركو تموسيتش، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بلغراد، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بالنسبة لصربيا، هذه بلا شك واحدة من أهم الزيارات... وضعها في مستوى واحد مع فرنسا التي تحتفل الصين معها بمرور 60 عاماً من العلاقات الدبلوماسية والمجر... هو بالتأكيد شرف عظيم لها». وأكد مواطنون في وسط بلغراد ترحيبهم بزيارة شي.

فوتشيتش لدى استقباله نظيره الصيني في بلغراد 8 مايو (رويترز)

في محطته الأولى في فرنسا، اجتمع شي مع ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. وحض كلاهما الرئيس الصيني على عدم السماح بتصدير أي تكنولوجيا يمكن أن تستخدمها روسيا في غزوها لأوكرانيا، والقيام بكل ما هو ممكن لإنهاء الحرب. من جانبه، حذّر شي الغرب من «تشويه سمعة» الصين على خلفية النزاع، ورفض الاتهامات بأن الطاقة الإنتاجية المفرطة في الصين تؤدي إلى اختلال الميزان التجاري العالمي. وبعد بلغراد، يتوجّه شي إلى المجر حيث استثمرت الصين بشكل كبير في مصانع كبيرة للبطاريات والسيارات الكهربائية.


أفغانستان: مقتل 3 عناصر شرطة في انفجار قنبلة بولاية بدخشان

أحد أفراد أمن «طالبان» يقف في حراسة بينما تحرق السلطات المخدرات والمشروبات الكحولية في ضواحي مقاطعة غزنة في 5 مايو 2024 (أ.ف.ب)
أحد أفراد أمن «طالبان» يقف في حراسة بينما تحرق السلطات المخدرات والمشروبات الكحولية في ضواحي مقاطعة غزنة في 5 مايو 2024 (أ.ف.ب)
TT

أفغانستان: مقتل 3 عناصر شرطة في انفجار قنبلة بولاية بدخشان

أحد أفراد أمن «طالبان» يقف في حراسة بينما تحرق السلطات المخدرات والمشروبات الكحولية في ضواحي مقاطعة غزنة في 5 مايو 2024 (أ.ف.ب)
أحد أفراد أمن «طالبان» يقف في حراسة بينما تحرق السلطات المخدرات والمشروبات الكحولية في ضواحي مقاطعة غزنة في 5 مايو 2024 (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الداخلية الأفغانية، الأربعاء، مقتل 3 عناصر شرطة وإصابة 5 آخرين، عندما انفجرت قنبلة أثناء مرور قافلتهم في ولاية بدخشان شمال شرقي أفغانستان، بعد أيام من اشتباكات دامية بين حركة «طالبان» ومزارعي الخشخاش.

وفي الصباح، انفجرت قنبلة «موضوعة على دراجة نارية (...) في مدينة فايز آباد»، عاصمة ولاية بدخشان، حسبما أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية عبد المتين قاني، على موقع «إكس». وأضاف قاني أن «العبوة انفجرت بينما كانت قافلة الشرطة في طريقها لتدمير محاصيل الخشخاش، ما أدى إلى مقتل ثلاثة من رجال الشرطة وإصابة خمسة آخرين». وأشارت وكالة الصحافة الفرنسية إلى اعتقال عناصر في «طالبان» عشرات الأشخاص قرب مكان الهجوم، واقتيادهم إلى مركبات وتفتيش منازل.

وقال أمين الله، وهو شاهد لم يرغب، في ذكر اسمه الكامل، للوكالة، إنه سمع انفجاراً قوياً، ورأى قافلة لـ«طالبان» مستهدفة. وأضاف أن «القوات الأمنية منعت على الفور الوصول إلى منطقة الهجوم». وأظهرت صور نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي دراجة نارية متفحمة ومركبة عسكرية نخرها الرصاص. وشهدت نهاية الأسبوع الماضي مواجهات أسفرت عن مقتل شخصين في بدخشان بين المزارعين الذين قاوموا قوات مكافحة المخدرات التابعة لـ«طالبان»، التي فرضت القضاء على زراعة الخشخاش، المحظور منذ عام 2022.

وقال قرويون لوكالة الصحافة الفرنسية إن عناصر «طالبان» اقتحموا منازلهم، وكسروا الأبواب، وأطلقوا النار على كل مَن حاول المقاومة.

وتظاهر عشرات الرجال هاتفين «الموت للإمارة»، في إشارة إلى إمارة أفغانستان الإسلامية، كما نقلت الوكالة الفرنسية. وأرسلت الحكومة وفداً رفيع المستوى إلى المنطقة ثم أكدت عودة الهدوء. وأكد المتحدث باسم الحكومة، ذبيح الله مجاهد، مساء الثلاثاء، على موقع «إكس»، أن «المشاكل الناتجة عن حملة القضاء على حقول الخشخاش في بدخشان قد حُلّت». وتتعرض أفغانستان بانتظام أيضاً لهجمات يشنها تنظيم «داعش» الإرهابي، تستهدف بشكل خاص أبناء طائفة الهزارة الشيعية، وخلّفت مئات القتلى منذ عودة «طالبان» إلى السلطة في عام 2021.


روسيا تكشف تفاصيل مشروع قاعدة القمر النووية مع الصين: رحلة علمية أم تهديد جيوسياسي؟

TT

روسيا تكشف تفاصيل مشروع قاعدة القمر النووية مع الصين: رحلة علمية أم تهديد جيوسياسي؟

روسيا تكشف تفاصيل مشروع قاعدة القمر النووية مع الصين: رحلة علمية أم تهديد جيوسياسي؟

في خطوة تعدّ مفصلية في رحلتها الفضائية، كشفت روسيا عن تفاصيل مثيرة حول مشروع مبتكر يعد بالتعاون مع الصين لبناء قاعدة قمرية نووية، مع تحذيرات من أنه قد يُعزز النفوذ الجيوسياسي للدولتين.

بحسب مجلة «نيوزويك»، أعلن رئيس وكالة الفضاء الروسية، يوري بوريسوف، عن الخطط الطموحة التي تضمنت تشييد مفاعل نووي على سطح القمر خلال العقد المقبل، وهو مشروع مشترك بين موسكو وبكين، يهدف لتشغيل قاعدة فضائية متطورة.

وفي مقال نشر في وكالة الأنباء الحكومية «ريا نوفوستي»، أكد بوريسوف أن التطوير التقني للمصنع جارٍ بخطى ثابتة، وأن المرحلة الأولى من إنشاء المحطة القمرية العلمية الدولية من المقرر أن تكتمل بين عامي 2025 و2035.

ويأتي هذا المشروع في وقت تزداد فيه التوترات الجيوسياسية بين القوى الفضائية العالمية، حيث تسلط الأضواء على العلاقات بين روسيا والصين، وتأثيراتها المحتملة على الساحة الدولية.

ومع تأكيد الولايات المتحدة وروسيا والصين التزامها بالاستخدام السلمي للفضاء الخارجي، تثير هذه الخطوة تساؤلات حول مدى تأثيرها على الأمن القومي للدول الأخرى، خاصة في ظل التوترات الجارية بين القوى الفضائية.

وفي ظل الخلافات السياسية والاقتصادية بين روسيا والغرب، يشير بعض المراقبين إلى أن هذا المشروع قد يكون بمثابة استراتيجية بديلة لتعزيز النفوذ الروسي والصيني في المجال الفضائي، في حين يؤكد آخرون ضرورة إجراء تحليل دقيق للمخاطر المحتملة لهذا المشروع.

من المنتظر أن يثير هذا الإعلان مزيداً من النقاش حول دور القوى الفضائية الكبرى في تشكيل مستقبل الاستكشاف الفضائي وسياسته، وسط تزايد التنافس والتوترات الدولية في هذا المجال الحيوي.


الحرب الباردة الجديدة وسباق التسلّح النووي

صواريخ بالستية صينية من طراز «دي إف 41» في بكين (رويترز)
صواريخ بالستية صينية من طراز «دي إف 41» في بكين (رويترز)
TT

الحرب الباردة الجديدة وسباق التسلّح النووي

صواريخ بالستية صينية من طراز «دي إف 41» في بكين (رويترز)
صواريخ بالستية صينية من طراز «دي إف 41» في بكين (رويترز)

على وقع الحرب الأوكرانية التي تحولت بعد أكثر من سنتين إلى «حرب استنزاف» - أقلّه في المرحلة الراهنة -، ومع أهوال الحرب المدمّرة على غزة، وفي ظل التوترات المتواترة في مياه تايوان وبحر الصين الجنوبي، يسهل الحديث عن تنافس حاد بين القوى الكبرى... هذا وصف ملطّف لما يحدث في «الكوكب الأزرق»، لأن الواقع المرّ هو أن البشر يواجهون خطراً متزايداً لنشوب صراع بين الدول المسلحة نووياً، والتي تعمل كلها بشكل أو بآخر على تحديث ترساناتها استعداداً لثمانين عاماً أخرى من العصر النووي... العالم إذاً يشهد مجدداً سباق تسلح نووي.

لننسَ كل معاهدات النزع والحد من الانتشار، فالقوى الكبرى لم تقتنع بدروس الحربين العالميتين وما أعقبهما من حرب باردة لم تخلُ من سخونة أحرقت ساحات جانبية شهدت مواجهات بين «وكلاء» المعسكرين الكبيرين.

العلمان الأميركي والصيني (رويترز)

يقول جون إيراث مدير الأبحاث في مركز مراقبة الأسلحة والحد من انتشارها (واشنطن)، إن «احتمال نشوب حرب نووية ضئيل للغاية»، مستدركاً أنه لا يمكن في المقابل تجاهل الأخطار الكارثية والعواقب المحتملة حتى «للاستخدام المحدود» للأسلحة النووية. ويضيف أن روسيا تلوّح بـ«عصا» ترسانتها النووية بطريقة مضبوطة لثني الدول عن مساعدة أوكرانيا. واعتبر أن السلوك الروسي سيفضي، في حال انتصار موسكو في الحرب الأوكرانية، إلى تثبيت الابتزاز النووي كأداة من أدوات إدارة الدولة، مما يشكّل حافزاً إضافياً لامتلاك أسلحة نووية. ويخلص إلى أن نتيجة حرب أوكرانيا يمكن أن تحدد نمطاً لديناميات الأمن الدولي على امتداد العقود المتبقية من القرن الحادي والعشرين.

وقد أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين – الذي بدأ ولاية رئاسية خامسة - بإطلاق تدريبات عسكرية على استخدام أسلحة نووية غير استراتيجية، رداً على تلويح بلدان غربية باحتمال إرسال قوات إلى أوكرانيا، والانخراط بشكل مباشر في الصراع. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن التدريبات تهدف إلى «رفع جاهزية الأفراد والمعدات في الوحدات المعنية بالاستخدام القتالي للأسلحة النووية التكتيكية، بهدف مواجهة أي تهديدات وضمان سلامة أراضي الدولة الروسية وسيادتها من دون قيد أو شرط».

صاروخ بالستي روسي خلال عرض عسكري في الساحة الحمراء بموسكو (أ.ف.ب)

يجدر بنا أن نشير هنا إلى أن معاهد الأبحاث تقدر عدد الرؤوس النووية في العالم بأكثر من 12 ألفاً، من بينها نحو 5500 في روسيا، ونحو 3700 في الولايات المتحدة، فيما تتوزع البقية في دول أخرى. ويُعتقد على نطاق واسع أن واشنطن وموسكو ليستا في صدد توسيع ترسانتيهما النوويتين، بينما يقال إن الصين تعمل على ذلك. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أفاد التقرير السنوي لوزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) بأنه اعتباراً من مايو (أيار) 2023، تمتلك الصين أكثر من 500 سلاح نووي نشط، وهو ما يتجاوز التقديرات السابقة التي كانت تشير إلى رقم 400.

وأضاف التقرير أنه تماشياً مع أهداف تحديث الجيش الصيني، يُتوقع أن تمتلك الصين أكثر من ألف سلاح نووي قابل للتشغيل بحلول عام 2030، على أن يصل الرقم إلى 1500 بحلول عام 2035، وفق الجدول الزمني الذي وضعته المؤسسة العسكرية الصينية لعملية التحديث. ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» في ديسمبر (كانون الأول) الماضي أن الصين تعمل على تجهيز منشأة عسكرية «لاختبار جيل جديد من الأسلحة النووية».

وتجدر الإشارة هنا إلى أن ثمة كلاماً عن كون روسيا تعمل على تطوير سلاح نووي في الفضاء، من شأنه إذا أبصر النور أن ينتهك معاهدة الفضاء الخارجي التي عُقدت عام 1967، وهي واحدة من معاهدات الحد من الأسلحة القليلة المتبقية «على قيد الحياة». وفي موازاة ذلك، تواصل الولايات المتحدة تطوير صاروخ كروز يطلَق من البحر ومجهز برؤوس نووية.

إطلاق صاروخ «توماهوك» من الغواصة الأميركية «نبراسكا» قبالة كاليفورنيا (رويترز)

*نبرة سياسية عالية

الجو العسكري المشحون يرافق في الواقع مواقف سياسية تصعيدية بدأت في الساحة الأوروبية قبل الحرب الأوكرانية (اندلعت عام 2022 أم فعلياً عام 2014؟)، واشتدت حماوتها في الساحة الآسيوية منذ ذلك المدّ الاقتصادي الذي جعل من العملاق الأصفر في غضون عقدين عملاقاً اقتصادياً يمثل تحدياً جيوسياسياً هائلاً للغرب.

من هنا، يمكن النظر إلى المخزون النووي المتزايد لدى الصين باعتباره مدفوعاً بعاملين: الأول، الحفاظ على مقدار معقول من الردع حيال الدول الأخرى المسلحة نووياً التي تتنافس معها، وتحديداً الولايات المتحدة والهند (200 رأس نووي). والعامل الثاني هو تحسين مكانة الصين العالمية كدولة عظمى تملك ردعاً نووياً فعالاً.

يقول نورييل روبيني الخبير الاقتصادي التركي المولد والإيراني الأصل والأميركي الجنسية، إن مجموعة السبع التي تضم الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وبريطانيا بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، حاولت في قمة هيروشيما التي عُقدت في مايو 2023 أن ترسم خطة لاحتواء الصين دون تصعيد الحرب الباردة الجديدة. وتوقع الرئيس الأميركي جو بايدن وقتذاك «ذوبان الجليد» في العلاقات مع الصين. لكن كل المؤشرات تنبئ بأن العلاقات تظل فاترة بدليل أن الرئيس الصيني شي جينبينغ قال في مارس (ىذار) 2023 إنّ «دولاً غربية، بقيادة الولايات المتّحدة، نفّذت سياسة احتواء وتطويق وقمعٍ ضدّ الصين، الأمر الذي أدّى إلى تحدّيات غير مسبوقة لتنمية بلادنا».

الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والصيني شي جينبينغ في مطار تارب بجنوب غرب فرنسا (أ.ف.ب)

ويؤكد روبيني أن الولايات المتحدة استراتيجية تنتهج بالفعل سياسة «الاحتواء الشامل والتطويق والقمع»، لافتاً إلى أن قمة هيروشيما بيّنت أن شركاء واشنطن يعتزمون توحيد الجهود لمواجهة الصين، وهو أمر لم تبدده زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ الأخيرة لفرنسا ولا زيارة وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين للصين في أبريل (نيسان) الماضي.

... ماذا يبقى من خيارات في بحث البشر عن الأمان؟

إجالة النظر في الوقائع والمؤشرات تخلص إلى نتيجة واحدة: نظرية الردع المتبادل المبنية على عقيدة عسكرية تقول إن الدمار الشامل الذي سينتج عن حرب نووية سيمنع نشوبها...

هل يكفي ذلك لضمان السلام أم إن «درع» الدمار الشامل وهم؟

لَربّ سائل هنا: هل منع امتلاك إسرائيل المؤكد لأسلحة نووية حركة «حماس» من القيام بعملية السابع من أكتوبر؟