مقالات وآراء

واسفي عليك يا محمد الأمين

جماع مردس

لماذا رحلت عن دنيانا يا محمد  قبل أن تودعنا،  ولماذا تركتنا نتدحرج بين زوايا العتمة وخواطر البوح وتباريح السفر ، لا الدمع يكفكف آلآم الرحيل ولا الوجع الضارب في أعماق النفس يخفف لوعة الفقد، ولا التوقف عند محطات الذكريات يجلب شيئا من السلوى…

حقا في الموت عبرة وللموت جلال ايها الراحلون ولنا بعدكم انتظار في محطات قد تطول وقد تقصر وقد ترهق وقد تصفو وقد تضحك وقد تبكي، حتى يقدم بلا هيبة او تردد يختارنا واحدا اثر الاخر ( لا تستأخرون ساعة ولا  تستقدمون).

كل ما حولي يوحي بالذبول حتى الكلمات تتحشرج فأستعيدها من قاع التردد لنبقي على خيط الحياة الممدود، امتدت بنا الحياة لنبكيكم ونذرف الدمع في وداعكم ونشيعكم لمثواكم الاخير وأننا لا نصدق اننا لا نراكم بعد اليوم.

لماذا اثار موتك يا محمد كل هذه الرهبة في نفسي ، ولماذا ابكيك وابكي الراحلين قبلك  وقد امتدت بهم مراحل أخرى لمحطات أخرى، انتظارا لحياة أخرى نحن سائرون إليها شئنا ام أبينا، اننا لربما لا نبكي لأنكم رحلتم ولكننا نبكي أنفسنا لأنكم تركتمونا وحدنا، وان كل آلآمنا ودموعنا واحزاننا لأننا لن نراكم بعد اليوم في دنيانا وقد كنتم بعض سلوتنا وجزء من حياتنا ، اننا لربما نبكي من أجلنا نحن لا من أجلكم ولربما لانكم رحلتم فلن تشعروا ببكائنا عليكم ولن تستعيدوا شيئا مما مضى ، ولن يكون بمقدوركم ان تصنعوا شيئا لانفسكم او لنا ، نحن من يجزع لأن  شموعكم قد انطفأت في حياتنا ولأن رحيلكم اعلان كبير بأن قطار العمر ماضي والايام حبلي والقدر محتوم وللموت سطوة ايها الباقون..

حدثتني نفسي يا محمد  وانا الخبير بها، مالي أراك جزعا اليوم ألم تكن أشد من اليوم تجلدا وصبرا، مالي أراك ضعفا على ضعف وكأنك تتهاوى..

رحيلك يا  محمد نبهني بأنني قد بلغت المنحنى الاخر من العمر وهي مرحلة من يعيشونها يعانون فقد الرفاق والأحباب والأصحاب اكبر بكتير مما يعاني اولئك الذين يصعدون منحني العمر من بدايته ولم تدرج أقدامهم بعد على سفح المنحنى الاخر..

أصدقائي ارثي لكم اليوم ابن شقيقتى فاطمة مردس والذي هو أيضا شقيقي بالرضاعة ورفيق صباى وصاحبي محمد الأمين عمر ، والذي توفي اليوم و أثارت فاجعة رحيله غصة في حلقي لان فقده يعني انحسارا لمدد رفقة جميله وانطفاء لومضة نبل إنساني كان يحيطنا بها ، فقد  اجتمعت فيه  معاني حب الخير وكرامة النفس وجبر الخاطر ، وقد ترك الدنيا وهو احسن مما وجدها ، استعيد في هذا المقام عبارة مصطفى صادق الرافعي ( اعمل عملك يا صاحبي فأن لم تزد شيئا في الدنيا كنت انت زائدا عليها، وان لم تدعها احسن مما وجدتها فما وجدتها وما وجدتك)، واشهد ان محمد الأمين ترك الدنيا احسن مما وجدها، رحل عن الدنيا وهو زائدا فيها ولم يكن زيادة عليها..

محمد الأمين (ما يغشاكا شر) سلامي للفاتح والشيخ وامك ام دلال ..

انا لله وانا اليه راجعون

المستشار جماع مردس /جدة
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..