الأدوية المغشوشة.. تجارة الموت

عبدالله المصباحي

10 بالمائة من الأدوية في الأسواق مغشوشة..

اكتشاف أكثر من 900 صنف مغشوش حول العالم..

الأدوية المغشوشة تنتشر في بلدان العالم الثالث..

لابد أننا سمعنا كثيرا من الأخبار عن الأدوية المغشوشة، لأنها بالفعل مصيبة كبرى حلت على العالم أجمع، حيث لا تخلو دولة من دول العالم من انتشار الأدوية المزيفة حتى الدول المتقدمة، لكن ما سبب انتشار هذه الأدوية؟ وأين تنتشر كثيرا؟ وكيف السبيل لمحاربتها؟

  

بداية يجب أن نعرف أن خطورة انتشار الأدوية المغشوشة أكبر من خطورة انتشار أي شيء مزيف اخر حول العالم بما فيه الغذاء، لأن الدواء غالبا ما يستخدم في حالات الضعف الإنساني الجسدي أو النفسي، والهدف منه إعادة الحالة الجسدية أو النفسية إلى وضعها الطبيعي، وفي حالات المرض أو الوهن يكون الجسم في أضعف حالاته، تكون مناعته أو مقاومته للأمراض في أضعف حالاتها، وبالتالي عند استخدام أي دواء مغشوش أو مزيف فإن خطورته تكون أعلى. أما في حالة الحاجة له لعلاج المرض فإننا نخاطر باستفحال المرض وانتشاره عند استخدام الأدوية المغشوشة، وهذا ما قد يؤدي للموت لا قدر الله.

  

أسباب انتشار الأدوية المغشوشة

تعتبر الصناعة الدوائية من أكثر الأنشطة مبيعا حول العالم حيث تجاوزت 1.2 تريليون دولار خلال العام 2018 وهو ما يغري أي شخص لاقتطاع جزأ من كعكة هذه التجارة الرائجة. ولذلك تجاوزت اجمالي مبيعات الأدوية المغشوشة خلال ذلك العام ال 90 مليار دولار حسب احصائيات منظمة الصحة العالمية، وفي إحصائية أخرى أكثر تحفظا قدر حجم تجارة الأدوية المغشوشة خلال ذلك العام ب 75 مليار دولار.

  

تنتشر الأدوية المزورة في الدول النامية بشكل كبير جدا، وخصوصا البلدان التي ترزح تحت وطأة الحروب أو البلدان ذات دخل الفرد المتدني، مما يساعد على انتشار مثل هذه المنتجات

إضافة إلى اتساع حجم سوق الأدوية، فإن غلاء أسعار الدواء، خاصة الأدوية التي لازالت تحت حماية براءة الاختراع، قادت لاتجاه الناس لشراء مثل هذا النوع من الأدوية، أيضا ساهم انتشار مواقع الانترنت التي تبيع الأدوية دون وصفات طبية لزيادة مبيعات مثل هذا النوع من الأدوية وسهولة الوصول إليها، ومن مجموع أسباب الانتشار هذه نجد أن الجشع هو السبب الرئيسي لزيادة مبيعات الأدوية المزيفة والمغشوشة.

  

أين تنتشر الأدوية المغشوشة؟

تم اكتشاف هذه المنتجات المزيفة في معظم دول العالم، بما فيها الدول المتقدمة، وأعلنت منظمة الصحة العالمية عن اكتشاف أكثر من 900 صنف مغشوش حول العالم خلال العام 2017، وما خفي أعظم، بالطبع، لكن انتشار الدواء المغشوش في العالم المتقدم نادر جدا، نظرا لوجود انظمة رقابية متطورة، وتوفر معظم الأدوية هناك بأسعار في متناول الجميع لارتفاع الدخل الفردي في تلك الدول وتوفر أنظمة تأمين صحي متقدمة للسكان.

 

ولذلك تنتشر الأدوية المزورة في الدول النامية بشكل كبير جدا، وخصوصا البلدان التي ترزح تحت وطأة الحروب أو البلدان ذات دخل الفرد المتدني، مما يساعد على انتشار مثل هذه المنتجات بكثرة، وستجد خريطة انتشار هذه الأدوية متسعة في البلدان الأفريقية وجنوب أسيا وبلدان الشرق الأوسط التي تعاني من تدني دخل الفرد أو الحروب، ومما يزيد من سوء الحالة عدم وجود أجهزة رقابية أو فساد الأجهزة الرقابية في هذه البلدان، وقاد ذلك إلى تكون مافيا تهريب وتزوير الأدوية بصورة علنية في كثير من هذه البلدان.

 

ولكن ما هي الأدوية المغشوشة؟

كل دواء تم تصنيعه في غير شركته الأصلية فهو مزور، وكل دواء لا يوجد عليه اسم الشركة المصنعة وبلد المنشأ فهو مزور، وكل دواء لا يحتوي على المادة الفعالة أو يحتوي على مواد غير فعالة أو يحتوي على مواد أخرى غير المادة الفعالة الأصلية فهو دواء مغشوش، كما أن أي دواء منتهي الصلاحية يعتبر دواء مغشوش مهما كان مصدره.

  

تجارة الأدوية المغشوشة افة تنخر في المجتمعات، ويجب على الجميع أفرادا وجماعات وحكومات العمل على إنهاء هذه التجارة وليس فقط الحد منها

والقائمة تطول بالنسبة للأدوية المغشوشة لذلك حتى نعرف الدواء المغشوش فيجب اتباع التالي:

1- يجب عدم صرف الأدوية خاصة الأدوية المنقذة للحياة إلا من الصيدلية وبوجود صيدلي مختص، لأنه الأدرى بالأدوية المغشوشة من غيره.

2- في حالة الشك بأن الدواء مزور يجب ملاحظة إذا كان هناك أخطاء إملائية أو طباعة سيئة أو تغير في ألوان العبوة الدوائية أو الشكل الدوائي عن الدواء الأصلي المعروف لدينا.

3- يجب مقارنة تاريخ الانتاج والانتهاء في الأرقام الموجودة على الباكت والأرقام الموجودة على الشريط الداخلي لأن أي اختلاف يعني تزوير الدواء.

4- يفضل دائما وجود طبيب أو صيدلي موثوق ترجع إليه في حالة الشك بأي حالة من هذه الحالات.

 

وبالنسبة للجوانب الرقابية، فإن أفضل الطرق لمحاربة الأدوية المغشوشة هي زيادة الرقابة على تصنيع وتوزيع وترويج وصرف الدواء، كما يجب تقليل منابع التهريب لهذه الأدوية حيث ان أغلب هذه الأدوية تصنع في الصين أو الهند وتأتي مهربة إلى البلاد المختلفة، وهذا لا ينفي وجود مصانع متورطة في هذه الأمور في كافة البلدان التي تنتشر فيها هذه الأدوية، كما يجب العمل على توفير الأدوية كافة بجودة عالية وأسعار مناسبة لكافة الأشخاص في هذه البلدان.

  

إن تجارة الأدوية المغشوشة افة تنخر في المجتمعات، ويجب على الجميع أفرادا وجماعات وحكومات العمل على إنهاء هذه التجارة وليس فقط الحد منها، كل بحسب قدراته وامكاناته، ويقع على الصيادلة والأطباء عبء كبير في الحد من هذه الظاهرة، وهو ما نأمل أن يقوموا به على أكمل وجه بقدر الامكانات المتوفرة لديهم، وكل ذلك حتى نستطيع الانتهاء من هذه التجارة.. تجارة الموت.

الجزيرة نت

سبت, 24/08/2019 - 14:53