تخطي إلى المحتوى الرئيسي
مصر - تحرش جنسي

مكافحة التحرش الجنسي في مصر.. انتصارات بعد سنوات من المقاومة

حققت مؤسسات الدفاع عن حقوق المرأة في مصر بعض المكاسب الهامة في "معركتها" لمكافحة التحرش الجنسي بعد سنوات من الصراع مع الظاهرة التي طالما أرقت المجتمع المصري. فبعد أن كان مجرد الحديث عن الظاهرة "محرما"، استطاعت المؤسسات الحقوقية كسر حاجز الصمت لأول مرة عام 2006 ، مرورا بحصول أول سيدة مصرية على حكم قضائي في قضية تحرش ووصولا إلى إقرار قانون يجرم الظاهرة عام 2014.

رسم غرافيتي بالقاهرة في 2012 مناهض لظاهرة التحرش الجنسي
رسم غرافيتي بالقاهرة في 2012 مناهض لظاهرة التحرش الجنسي أ ف ب / أرشيف
إعلان

بعد ثماني سنوات من حصول أول سيدة في مصر على حكم قضائي يدين رجلا في قضية تحرش جنسي، يقر نشطاء ومحامون بأن التقدم ملموس في موقف المجتمع من هذه المسألة وكذلك في حبس عدد أكبر من المتحرشين.

وفي العام 2008 كسرت نهى الأستاذ أحد المحرمات في المجتمع بإفصاحها عن تفاصيل تعرضها لحادث تحرش جنسي وإصرارها على محاكمة المتحرش.

وتحدت الأستاذ المجتمع المصري حين روت علانية كيف أخرج السائق شريف جبريل يده من سيارته وأمسك بجسدها قبل أن ينطلق بسيارته ويجرها وكيف صممت على الإمساك به حين رأته يضحك وهي تسقط أرضا.

التحدي الكبير في تعامل الأستاذ مع واقعة التحرش بها صنع التاريخ في مصر. فلقد صدر حكم هو الأول من نوعه بسجن جبريل ثلاث سنوات.

وأدت سنوات لاحقة من الحملات الشبابية إلى تغيير المزاج العام تجاه التحرش الذي كان المجتمع، والسلطات العامة التي هي جزء منه، يعتبره أمرا تافها ويلقي باللوم عادة على المرأة.

وتقول الأستاذ في مقابلة مع وكالة فرانس برس "الآن أسمع عن حالات كثيرة ، بنات يأخذن رجالا إلى أقسام الشرطة. والناس الآن لديهم اعتياد أكبر على هذا التصرف".

وأضافت "في الحياة اليومية، تغيرت أشياء كثيرة. أستطيع أن أشعر شخصيا بها في الشارع".

ظاهرة تؤرق المجتمع المصري

وبحسب دراسة للأمم المتحدة صادرة في العام 2013، تعرضت 99,3 من المصريات لنوع من أنواع التحرش، فيما قالت82,6 منهن أنهن لا يشعرن بالأمان في الشارع.

وتصاعد النقاش العام حول المشكلة في أعقاب ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك وكان ميدان التحرير بؤرتها.

وتقول مزن حسن المديرة التنفيذية لمركز نظرة للدراسات النسوية "بالطبع هناك تقدم".

إنهاء "الإنكار الشعبي"

تؤكد الناشطة حسن أن مؤسستها كسبت 50 قضية تحرش جنسي، معظمها تتضمن أحكاما بالحبس، منذ جرمت السلطات المصرية التحرش الجنسي في حزيران/يونيو 2014 قبل أيام قليلة من تنصيب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رئيسا للبلاد.

وبفعل التغطية الإعلامية المستمرة من ميدان التحرير، فإن اعتداءات جنسية حدثت خلال التظاهرات التي تلت إسقاط مبارك ساعدت في إنهاء الإنكار الشعبي لوجود وقائع تحرش في البلاد.

واحدة من أسوء هذه الوقائع حدثت في حزيران/ يونيو 2014 أثناء الاحتفالات بفوز عبد الفتاح السيسي بالانتخابات الرئاسية.

وأظهرت لقطات فيديو صادمة، صورت عبر هاتف محمول، مجموعة من الرجال يحيطون بسيدة، جردت من ملابسها ومتورمة الجسد في اعتداء في ميدان التحرير.

بعدها بأيام قليلة، زار السيسي السيدة في المستشفى حاملا ورودا حمراء ومقدما اعتذارا رسميا لها مع وعد بمواجهة التحرش.

تغليظ العقوبة .. أهم المكاسب في مواجهة التحرش

في الشهر التالي، حكم على سبعة رجال بالسجن المؤبد وإثنين اخرين بالسجن عشرين عاما في وقائع تحرش حدثت في محيط ميدان التحرير.

وتقول الناشطة حسن أن زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للسيدة "كانت رسالة لمؤسسات الدولة والعاملين بها بأن ذلك لم يعد مقبولا".

ويقول المحامي مايكل رؤوف من مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب أنه أدرك أثر مثل هذه الأحكام عندما سمع شبانا يعلقون على ملابس فتاة تمر قربهم.

ويسترجع رؤوف الواقعة قائلا "أحدهم كان يقول انظر ماذا ترتدي. أخوها أو أبوها تركها تترك المنزل بهذه الملابس. وإذا قلت أي شيء يضعوك في السجن".

ومنذ البداية، جاءت مبادرات مكافحة التحرش من أفراد أو منظمات مجتمع مدني أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي .

كسر حاجز الصمت لأول مرة عام 2006 

ظهر النقاش عن التحرش الجنسي بشكل جدي في المجال العام في سنة 2006، عندما هاجم حشود من الرجال عددا من الفتيات والسيدات في وسط القاهرة في عطلة العيد.

وتجاهلت الصحف الرسمية وقائع التحرش لكن عددا من المدونين تحدثوا عنها.

وفي أعقاب ثورة 2011، انتشرت لوحات غرافيتي جدارية تدعو لمكافحة التحرش في وسط القاهرة، كما شكل متطوعون مجموعات شبابية لحماية النساء من هجمات التحرش الجماعي.

وتشجعت مزيد من النساء للتحدث عن تجاربهن مع التحرش الجنسي بشكل علني.

وفي شباط /فبراير 2013، نزلت مئات السيدات للشارع حاملات سكاكين في تظاهرة رمزية للاحتجاج على العنف الجنسي الذي تعرضن له في تظاهرات معارضة للرئيس  محمد مرسي.

وتقول الناشطة حسن "هناك فارق" بين رؤية المجتمع وتعامله مع ظاهرة التحرش وبين ما كان عليه الوضع من قبل.

وتضيف "في 2006 كان هناك ناس يقولون عنا مجانين" لأننا نسعى لمكافحة التحرش "وفي العام 2013 كان هناك من يقولون أن هذه الأشياء لا تحدث في التحرير، الآن هناك فارق".

حتى أولئك الذين يختلقون أعذارا للمتحرشين يمكن أن يغيروا رأيهم عندما يتناقش معهم المتطوعون، حسب ما قالته عليا سليمان المتحدثة باسم مجموعة "خريطة التحرش".
وتقول نهى الأستاذ "تخيلوا لو لم نقف في وجه التحرش، ما الذي كان سيكون عليه الوضع الان؟

 

فرانس 24 / أ ف ب

 

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24

مشاركة :
الصفحة غير متوفرة

المحتوى الذي تريدون تصفحه لم يعد في الخدمة أو غير متوفر حاليا.