تخطي إلى المحتوى الرئيسي
سوريا

سوريا: الفصائل المعارضة في حلب تحذر المدنيين من "ممرات الموت" التي فتحها النظام

يستمر القصف العنيف الذي تتعرض له الأحياء الشرقية لمدينة حلب السورية المحاصرة، في ظل تحذيرات فصائل المعارضة المسيطرة على هذه الأحياء للمدنيين من سلوك المعابر الإنسانية التي أعلن النظام عن فتحها أمام المدنيين الراغبين بالمغادرة، ووصفت المعارضة هذه المعابر "بممرات الموت". من جهتها انتقدت الخارجية الفرنسية هذه الممرات قائلة إن القانون الدولي يفرض إيصال المساعدات للسكان المحاصرين بأسرع ما يمكن.

جنود سوريون في منطقة الليرمون قرب حلب 28 يوليو 2016
جنود سوريون في منطقة الليرمون قرب حلب 28 يوليو 2016 أ ف ب
إعلان

حذرت فصائل المعارضة التي تسيطر على الأحياء الشرقية لحلب شمال سوريا مدنيي هذه الأحياء من سلوك المعابر الإنسانية التي أعلن النظام السوري وحلفاؤه الروس عن فتحها أمام المدنيين الراغبين في المغادرة والمسلحين الراغبين في الاستسلام، ووصفت الفصائل المعارضة هذه المعابر بـ"ممرات الموت"، هذا في وقت يستمر فيه القصف العنيف الذي تتعرض له هذه الأحياء.

وأفادت وكالة الأنباء الفرنسية عن غارات كثيفة ينفذها الطيران الحربي منذ الثامنة صباحا على أحياء عدة في مدينة حلب، وخصوصا منطقة الليرمون.

وعلى رغم إعلان النظام وروسيا الخميس فتح أربعة معابر إنسانية لخروج المدنيين من الأحياء الشرقية، خلت الشوارع اليوم من المارة، إذ لزم السكان منازلهم خوفا من القصف، وتوقفت المولدات الكهربائية في عدد من الأحياء بسبب نفاد الوقود.

وذكرت الوكالة أن المعابر الأربعة كانت لا تزال مقفلة اليوم، وهو ما أكده مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، مشيرا إلى أن "المعابر عمليا مقفلة من ناحية الفصائل لكنها مفتوحة من الجانب الآخر، أي في مناطق سيطرة قوات النظام".

وأوضح عبد الرحمن أن "نحو 12 شخصا فقط تمكنوا من الخروج عبر معبر بستان القصر منذ أمس، قبل أن تشدد الفصائل المقاتلة إجراءاتها الأمنية وتمنع الأهالي من الاقتراب من المعابر".

مداخلة رامي عبد الرحمن حول الممرات الآمنة في حلب

وفتحت قوات النظام السوري المعابر الخميس بعد إعلان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بدء "عملية إنسانية واسعة النطاق" في حلب.

وطالبت قوات النظام سكان هذه الأحياء الذين تقدر الأمم المتحدة عددهم بنحو 250 ألف شخص بالخروج، ومقاتلي المعارضة بتسليم سلاحهم، تزامنا مع إصدار الرئيس بشار الأسد مرسوما تشريعيا يقضي بمنح العفو "لكل من حمل السلاح" وبادر إلى تسليم نفسه خلال مدة ثلاثة أشهر.

المعارضة تشكك بنوايا النظام

وتشكك المعارضة السورية ومنظمات حقوقية ومحللون في نوايا النظام السوري وحليفته روسيا، في ظل الحصار الكامل المفروض على الأحياء الشرقية منذ الـ17 من الشهر الحالي واستمرار القصف بوتيرة يومية.

وبحسب عبد الرحمن "يريد الروس والنظام من خلال فتح المعابر الإنسانية الإيحاء بأنهم يريدون حماية المدنيين لكنهم يستمرون في المقلب الآخر في قصفهم للأحياء الشرقية".

وتشهد مدينة حلب منذ صيف العام 2012 معارك مستمرة وتبادلا للقصف بين الفصائل المقاتلة التي تسيطر على الأحياء الشرقية، وقوات النظام التي تسيطر على الأحياء الغربية.

وقال عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أحمد رمضان "ليس هناك أي ممرات في حلب توصف بممرات إنسانية، فالممرات التي تحدث عنها الروس يسميها أهالي حلب بممرات الموت".

وأضاف "نعتبر الإعلان الروسي ومطالبة المدنيين بمغادرة مدينتهم جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، وهو ما يتنافى مع التزامات روسيا كعضو دائم في مجلس الأمن" مشددا على أنه لا يحق "لدولة أن تغزو بلدا آخر وتطالب سكان مدينة كحلب بمغادرتها دون أن يكون هناك ما يبرر ذلك".

وكان المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطراف واسعة في المعارضة السورية رياض حجاب وجه أمس رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ندد فيها بـ"بتغيير ديموغرافي وتهجير قسري" في حلب.

وأعلنت المعارضة وفق رمضان حلب "مدينة منكوبة" في ظل "مخطط يشارك فيه الطيران الروسي والحرس الثوري الإيراني لتهجير الأهالي من مدينتهم" مضيفا أن ما يجري "تدمير كامل ومنهجي للمدينة على سكانها سواء كانوا مدنيين أم مقاتلين".

وتتهم المعارضة والفصائل قوات النظام باستخدام سياسة الحصار لتجويع المناطق الخارجة عن سيطرتها وإخضاعها، بهدف دفع مقاتليها إلى تسليم سلاحهم.

كما انتقدت فرنسا "الممرات الإنسانية" وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية رومان نادال إن "فرضية إقامة ’ممرات إنسانية‘ تقضي بالطلب من سكان حلب أن يغادروا المدينة لا تقدم حلا مجديا للوضع" مشيرا إلى أن "القانون الدولي الإنساني يفرض إيصال المساعدة بصورة عاجلة" إلى السكان المحاصرين.

وتابع أنه "يجب أن يكون بوسع سكان حلب البقاء في منازلهم بأمان والحصول على كل المساعدة التي يحتاجون إليها، هذه هي الأولوية".

"سكان حلب يواجهون معضلة وجودية"

ويقول مصدر دبلوماسي غربي "الروس والنظام يريدون دفع الناس إلى تسليم أنفسهم" مضيفا "ما يريدونه هو الاستسلام وتكرار ما حدث في حمص" العام 2014 حين تم إخراج نحو ألفي مقاتل من المدينة القديمة بعد عامين من الحصار المحكم والقصف شبه اليومي من قوات النظام.

ويرى مدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس كريم بيطار أن "سكان حلب يواجهون معضلة وجودية رهيبة، إذ غالبا ما يضطرون إلى الاختيار بين خطري الموت جوعا أو خلال فرارهم".

وفي غياب أي وقف حقيقي للقتال، يشير بيطار إلى أن "علامات استفهام كبرى تطرح عما إذا كان ما يسمى بالممرات الإنسانية سيجعل عمليا المدنيين بمنأى عن الأذى".

ويضيف "سكان حلب في محنة ويعيشون حالة من انعدام الثقة وهو أمر مفهوم بعدما أثبتت المأساة السورية أن الجانب الإنساني غالبا ما يوظف كخدعة لتعزيز مصالح جيوسياسية".

ويسأل بيطار "إذا كان الهدف فعلا حماية سكان حلب فلماذا لا يسمح لعمال الإغاثة واللجنة الدولية للصليب الأحمر بالوصول بشكل كاف إلى المدنيين الذين هم بحاجة ماسة إلى المساعدة".

وفي سياق متصل، شددت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان الخميس على "وجوب حماية" من يقرر البقاء في الأحياء الشرقية مطالبة الأطراف كافة بالسماح للمنظمات الإنسانية بالوصول إليهم وتقييم احتياجاتهم.

ويجمع محللون على أن خسارة الفصائل المقاتلة لمدينة حلب سيشكل ضربة قاسية للمعارضة.

ويقول بيطار "سقوط حلب يعني أن الأسد وبوتين حققا أحد أهدافهما الرئيسية واستعادا اليد الطولى" في سوريا.

من جهته قال ستافان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا اليوم الجمعة إنه يجب تحسين الخطة الإنسانية التي طرحتها روسيا مقترحا أن تترك موسكو مسؤولية أجزاء من عملية الإغاثة إلى الأمم المتحدة.

وقال دي ميستورا للصحفيين إن روسيا وضعت فقط خطوطا عريضة لخطة الإغاثة، وأضاف "هناك حاجة ماسة لإدخال تحسينات، ما أفهمه هو أن الروس مستعدون (لإدخال) تحسينات رئيسية."

وقال إن الخطة بحاجة لأن تشمل توقفات منتظمة في القتال تمكن الناس من الخروج والمساعدات من الدخول.

وأضاف "الاقتراح الثاني هو أن يتركوا الممرات الآمنة التي سيتم فتحها بناء على مبادرتهم لنا." أي للأمم المتحدة لإدارتها.

وتابع دي ميستورا قائلا "الأمم المتحدة وشركاؤها في مجال الإغاثة لديهم الخبرة. هذا عملنا. جلب المساعدات الإنسانية والإمدادات للمدنيين أينما اقتضت الحاجة. لهذا السبب تحديدا الأمم المتحدة موجودة هناك".

كيري يحذر من أن تكون الممرات "حيلة"

من جانبه قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري اليوم الجمعة إنه إذا ثبت أن العملية الإنسانية الروسية في حلب حيلة فإن ذلك سيعرض التعاون بين بلاده وروسيا بشأن الحل السياسي لإنهاء الحرب الأهلية السورية للخطر.

وقال كيري ردا على سؤال لأحد الصحفيين في بداية اجتماع مع نظيره الإماراتي "إذا كانت حيلة فإنها تحمل مخاطرة تدمير التعاون تماما".

وأضاف "من ناحية أخرى إذا تمكنا من حل الأمر اليوم والوصول إلى تفهم كامل لما يحدث ثم التوصل إلى اتفاق بشأن سبل المضي قدما فإن ذلك يمكن أن يفتح فعليا بعض الاحتمالات".

وردا على سؤال عما إذا كان يعتقد أن العملية خدعة قال كيري "يساورنا قلق عميق بشأن التعريف ولقد تحدثت إلى موسكو مرتين في الأربع والعشرين ساعة الماضية".

وأضاف "من المحتمل بشدة أن تكون تحديا لكن لدينا فريقا يجتمع اليوم يعمل على ذلك وسوف نتبين ما إذا كانت حقيقية أم لا. نحن ببساطة لا نعرف، ولن نعرف ذلك تمام المعرفة إلا بعد أن ننتهي من المحادثات اليوم".

ولم يذكر كيري ما إذا كانت المحادثات جارية ولم يحدد كذلك مع من تحدث في موسكو. وعادة ما يتحدث مع نظيره الروسي سيرغي لافروف.
 

وفي ريف حلب الشمالي الشرقي، أعدم تنظيم "الدولة الإسلامية" وفق المرصد 24 مدنيا على الأقل إثر اقتحامه الخميس قرية البوير وخوضه اشتباكات عنيفة ضد قوات "سوريا الديموقراطية" التي انسحبت من القرية الواقعة على بعد عشرة كيلومترات عن مدينة منبج.

 

فرانس24/ أ ف ب/ رويترز
 

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24

مشاركة :
الصفحة غير متوفرة

المحتوى الذي تريدون تصفحه لم يعد في الخدمة أو غير متوفر حاليا.