حج مبرور وسعي مشكور

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتميز فريضة الحج عن غيرها بحدوثها في مكان وزمان واحد، وهذا يفرض بشكل تلقائي، تجمع حشود هائلة من البشر في نفس الزمان والمكان.

أن يكون البدن في حالة صحية مستقرة، هو السبيل الأمثل لأداء هذه الفريضة على أكمل وجه.

فالجهد البدني الكبير المبذول في مناسك الحج، هو بوابة الدخول للروح وتطهيرها من أدران الذنوب والخطايا. بداية الاحتياطات، تكون في أخذ التطعيمات الخاصة بالحج، ومع نشر هذا المقال، سيكون معظم، إن لم يكن جميع حجاج بيت الله لهذا العام، قد أخذوا تطعيم الحمى الشوكية الإجباري للذاهبين أول مرة (صلاحية التطعيم ثلاث سنوات). أما تطعيم الإنفلونزا، فهو اختياري، ولو أنه ينصح به لذوي الأمراض المزمنة وكبار السن. ولا ننسى تطعيم المكورات العنقودية لكبار السن، لحمايتهم من الالتهابات الرئوية.

ثاني الاحتياطات، وبالخصوص للمصابين بالضغط والسكري والربو وغيرها، هو عدم نسيان أخذ كفايتهم من الأدوية اليومية. قبل سنتين، وفقني ربي للحج، وكنت حينها طبيب الحملة أيضاً، وفوجئت بعدد الحجاج الذين نسوا إحضار أدويتهم الخاصة. أما الأعذار، فكانت لا تسمن ولا تغني من جوع. «نسيت»، «ما في داعي».. وغيرها. صحيح أنه أثناء المناسك تتولد طاقة عجيبة، لكن هذا لا يعني عدم الأخذ بالأسباب.

من الأعراض الشائعة، ألم البطن والإسهال، وخصوصاً عند الاضطرار لأكل وجبات ليست من إعداد الحملة. الاحتياط الثالث، أخذ كمية بسيطة من أدوية ألم البطن «المغص» والإسهال، ووضعها داخل حزام الإحرام، وكذلك الأمر بالنسبة لأدوية الصداع والحمى.

صحيح أن حملات الحج من دولة الإمارات تتميز بإلزامية وجود طبيب في كل حملة، لكن وجود ثقافة صحية أساسية لدى كل حاج مهمة، تحسباً للحالات الطارئة البسيطة، ولمنع تعكير صفو مناسك هذه الفريضة الربانية.

رابع هذه الاحتياطات وأهمها، هو غسل اليدين. بإجماع جميع الدراسات العلمية، ممارسة هذا السلوك الوقائي، تعتبر أقوى سلاح لمنع دخول الميكروبات والجراثيم في أجسامنا.

أما الاحتياط الخامس، فصعب التطبيق، وهو عدم الانتقال المفاجئ من مكان شديد الحرارة إلى مكان شديد البرودة. من تحديات موسم الحج لهذا العام والسنوات المقبلة، وجوده في أجواء حارة ورطبة. ومن الطبيعي لجوؤنا إلى الأماكن الباردة متى ما سنحت الفرصة، سواء في عرفة أو في الخيم في منى.

لكن انتقال الجسم بسرعة من الجو الحار للبارد، يفتح المجال بشكل كامل لدخول جراثيم الإنفلونزا وغيرها في المجاري التنفسية. واستخدام منشفة صغيرة بشكل مستمر لتجفيف العرق، يقلل من فرصة دخول الميكروبات، وكذلك شرب المياه معتدلة البرودة.

(وجعلنا من الماء كل شيء حي) صدق الله العظيم. المفارقة اللطيفة التي وجدتها في الحج، أن معظم الاحتياطات هي عبارة عن البديهيات اليومية في حياتنا. شرب الماء يعيد الحياة لكل خلية في أجسامنا، فما بالكم أثناء الحج.

الاحتياط السابع، هو معرفة طبيب الحملة وموقع العيادة في السكن، وخصوصاً أثناء المبيت في مزدلفة ومنى، حيث إن البعض، وخصوصاً كبار السن، قد يصابون بالإنهاك والتعب في فترات الذروة.

مضافاً لذلك الاحتفاظ برقم هاتف الطبيب، وأيضاً أرقام تواصل البعثة الطبية لدولة الإمارات. هنا، أود أن أتوجه بالشكر على الجهود المبذولة من البعثة الطبية الرسمية للدولة، في توفير الأدوية وغيرها من الاحتياجات الهامة في فترة الحج. ما أروعها من فريضة، يرجع بعد أدائها الحاج كما ولدته أمه، الروح مغتسلة من الذنوب.

 

Email