تخطي إلى المحتوى الرئيسي
الشرق الأوسط

المصريون منقسمون بشدة بشأن غزة على "فيس بوك"

اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي مع اشتعال الوضع العسكري في غزة، وتباينت ردود أفعال المصريين بشأن الهجمات الإسرائيلية على غزة. ويبدو أن الانقسام والاستقطاب المتأصل في الساحة السياسية المصرية منذ ثورة يناير 2011 ألقى بظلاله على مواقف المصريين من القضية الفلسطينية برمتها، وهي المواقف التي كانت صلبة ومتماسكة يوما ما والأكثر من ذلك واضحة فيما يتعلق بتحديد هوية الخصم الحقيقي.

أرشيف
إعلان

المتابع لشؤون شبكات التواصل الاجتماعي المصرية، وخاصة فيس بوك الفضاء الأوسع للتعبير الحر عن الرأي، في الآونة الأخيرة وتحديدا منذ اندلاع العمل العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة سيشهد أمرا جديدا وموقفا غير مسبوق لعدد كبير من المصريين تجاه القضية الفلسطينية وقطاع غزة. من المفيد التذكير في البداية بالموقف الشعبي المصري من القضية الفلسطينية: المصريون يعتبرون أنفسهم المدافعين الأزليين عن القضية الفلسطينية ويرون أنهم بذلوا من الدماء والتضحيات الكثير من أجل هذه القضية، وهو الأمر الذي نراه جليا سواء في تصريحات القادة ورجال السياسة أو حتى رجل الشارع البسيط.

بيد أن هناك تحولا واضحا في آراء الكثيرين اليوم من هذه القضية، ونعني هنا بالكثيرين رجل الشارع والمواطنين العاديين بجميع أطيافهم، فالهجمات الإسرائيلية الأخيرة على القطاع أظهرت أن عددا من المصريين توقفوا عن اعتبار إسرائيل العدو الأقرب والأولى بالكراهية وحولوا اتجاه بوصلتهم إلى "حماس" وأصبحوا يرون في الهجمات الإسرائيلية خدمة لمصر أيضا ستساعدها على اقتلاع الإرهاب من شبه جزيرة سيناء وهو الإرهاب الذي تتهم الحكومة المصرية حركة "حماس" صراحة بدعمه وتمويله وبالتالي فإسرائيل تشن حربها على غزة بالوكالة عن مصر .

حماس تستعرض وتهدد الجيش المصرى

لكن هذا الموقف الجديد يظل متسقا مع الموقف الرسمي من حركة "حماس" ولكن ليس مع الموقف الرسمي من غزة، فالدعاية الرسمية التي تتهم حركة "حماس" صراحة بالمسؤولية عن حرق أقسام الشرطة وقتل رجال الشرطة أثناء الثورة وكذا اتهام الرئيس الإسلامي المعزول محمد مرسي بالتخابر مع "حماس" وأيضا المسؤولية عن قتل الجنود المصريين في مدينة رفح، كل ذلك كان من ثماره ولا شك فقدان حماس جزءا عريضا من شعبيتها بين المصريين بغض النظر عن صحة أو عدم صحة هذه الاتهامات وهو ما انعكست آثاره على القضية الفلسطينية برمتها.

ونتيجة منطقية لذلك بدأت تعلو أصوات واتهامات للفلسطينيين طالما كانت خافتة ولا تلقى آذانا صاغية من أحد من قبيل: الفلسطينيون هم المسؤولون عن نكبتهم لأنهم من باعوا أرضهم لليهود. والمقاومة الفلسطينية هي المسؤولة عن قتل شعبها باستفزازها إسرائيل وهي تعلم مدى قسوة الرد الإسرائيلي. أو من قبيل هذه تمثيلية بين حماس وإسرائيل لإفراغ غزة من الفلسطينيين وتوطينهم في سيناء.

توطين أهل غزة في سيناء المصرية

صفحات مثل "أنا آسف يا ريس"، الموالية لمبارك والسيسي والجيش، وصفحة "السيسي رئيسي" تعد مثالا جيدا على هذا التوجه الجديد، فهذه الصفحات التي تضم أكثر من مليون معجب لا نقرأ فيها إلا تعليقات مليئة بالتشفي والكراهية لحماس وأحيانا مباركة لما تفعله بها إسرائيل.

الفلسطينيون باعوا أرضهم لليهود

فيس بوك لا يضم فقط المصريين المباركين لضرب حركة حماس "الإرهابية" ولكن هناك طيف آخر من المدافعين عن القضية الفلسطينية والذين لا يريدون الالتفات إلى الربط الرسمي بين الحركات الإرهابية وفلسطين. كثير من المصريين لا يرون في حماس إلا فصيلا واحدا من كثير من فصائل المقاومة ويرون في الهجمات الإسرائيلية على غزة هجمات تستهدف الشعب الفلسطيني بأكمله ولا يتوانون عن نشر ما يعتقدون أنه فظائع وجرائم ترتكبها إسرائيل في غزة.

صورة بثها مصريون لعائلة من ضحايا غزة

ولا تخلو أحيانا تعليقاتهم من إحساسهم بالمرارة الممزوجة بالسخرية من الموقف العربي الذي يعتبرونه مخزيا وغير كاف لنجدة أهالي غزة ولا مباليا بالعدوان الإسرائيلي المتكرر على الفلسطينيين

هذه خياراتنا

من متابعتنا أيضا لشبكات التواصل الاجتماعي المصرية نجد اتجاها ثالثا من المصريين يحاول قراءة الموقف قراءة موضوعية سياسية براغماتية، وهو الاتجاه الذي يحمل طرفي الصراع المسؤولية عن القتل والتخريب المتبادلين. وهذا الاتجاه بطبيعة الحال يميل أكثر للتعاطف مع الفلسطينيين بحكم التاريخ والعروبة لكنه يأخذ على قياداتهم استغلالهم للقضية لتحقيق مصالح شخصية. كما يحاول أيضا قراءة الدور المصري في هذا الصراع على ضوء المتغيرات الدولية والإقليمية الراهنة.

فوائد العدوان الإسرائيلي على غزة

بيد أن هذا الاتجاه لا يحظى بالشعبية بين رواد شبكة الفيس بوك، لأن شبكات التواصل الاجتماعي في النهاية مرآة لآراء وقناعات المجتمع المصري الذي يعاني من حالة انقسام شديدة واستقطاب حاد بين أفراده وتؤثر بالتالي مواقفهم من القضايا الداخلية على آرائهم من القضايا الخارجية دون الالتفات لأي مواقف أو اعتبارات سابقة وبالتالي يظل التأرجح على حافتي الاستقطاب سيد الموقف.

حسين عمارة

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24

مشاركة :
الصفحة غير متوفرة

المحتوى الذي تريدون تصفحه لم يعد في الخدمة أو غير متوفر حاليا.