العراق: الأقليات في سهل نينوى

  • مينا اللامي
  • قسم المتابعة الإعلامية-بي بي سي
معبد يزيدي في سهول محافظة نينوى

صدر الصورة، isis

التعليق على الصورة، معبد يزيدي في سهول محافظة نينوى

يوضع الصراع في العراق غالبا في إطار صراع بين الشيعة والسنة والعرب والأكراد، لكن هذا البلد يضم عددا من الأقليات التي تجد نفسها محاصرة وسط أعمال العنف وفي المساومات السياسية الخارجة عن إرادتها.

يعيش المسيحيون والتركمان والأيزيديون والشبك والصابئة المندائيون والبهائيون والكاكاي والأكراد الفيليون في العراق منذ زمن طويل، بعضهم منذ قرون وآخرون منذ آلاف السنين.

ويعيش العديد من هؤلاء في محافظة نينوى الغنية بالتنوع الثقافي والتي تبعد 400 كيلومتر شمال غربي بغداد.

ومنذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003، تشهد نينوى صراعين متوازيين، بين الحكومة المركزية وجماعات إسلامية متشددة من جهة، وبين الحكومة المركزية وإقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي من جهة اخرى.

وفي ظل معاناتهم من الاضطهاد أيام الامبراطورية العثمانية وتحت حكم حزب البعث الذي كان يقوده صدام حسين وحاليا تحت سيطرة الإسلاميين المتشددين في بعض المناطق، ومواجهة التحيز والتعصب، فإن بعض جماعات الأقليات الأصغر مثل الشبك والأيزيديين والبهائيين كانوا يمارسون طقوسهم سرا.

وأثار هذا في المقابل مفاهيم خاطئة وشكوك حولهم، ما أدى إلى ممارسة المزيد من الاضطهاد بحقهم.

صورة المسجد الشيعي التي نشرها تنظيم الدولة بعد تفجيره في نينوى

صدر الصورة، isis

التعليق على الصورة، صورة المسجد الشيعي التي نشرها تنظيم الدولة بعد تفجيره في نينوى

وبعد استيلاء مسلحي ما يسمى بـ "تنظيم الدولة الإسلامية"، الذي كان معروفا بـ "داعش"، على مدينة الموصل مركز محافظة نينوى في العاشر من يونيو/ حزيران الماضي، فرت الأقليات بأعداد غفيرة إلى قرى سهل نينوى أو مناطق أبعد في الشمال إلى المدن الكردية.

ومنذ ذلك الحين، تواردت تقارير مستمرة حول شن مسلحين إسلاميين هجمات ضد جماعات الأقليات وتدمير أماكن عبادتهم. ونشرت الدولة الإسلامية صورا لعشرات المواقع التاريخية والدينية في نينوى بعد أن قامت بتدميرها بدعوى أن تقديس مثل هذه المواقع هو بدعة وهرطقة.

المسيحيون

شهدت أعداد مسيحي العراق انخفاضا كبيرا خلال السنوات الأخيرة

صدر الصورة، Getty

التعليق على الصورة، شهدت أعداد مسيحي العراق انخفاضا كبيرا خلال السنوات الأخيرة

غالبية المسيحيين من الكلدانيين والآشوريين. وقد انخفض عددهم من نحو 1.5 مليون نسمة في عام 2003 إلى ما بين 250 ألف و450 ألف نسمة. ويعيش المسيحيون في محافظة نينوى بصورة رئيسية في القرى، مثل قراقوش (المعروفة كذلك بـ "بخديدا") وبرطلة والحمدانية وتلكيف.

ووقعت إحدى أعنف الهجمات التي استهدفت المسيحيين في العراق عام 2010 عندما اقتحم متشددون كنيسة في بغداد خلال قداس يوم الأحد وقتلوا فيه 25 شخصا.

الأيزيديون

ويحيط سياج من السرية جماعة الأيزيدين، ويكتنف أصول الأيزيديين وعرقيتهم جدل متواصل، إذ تضم ديانتهم عناصر مختلفة من معتقدات عدة، بما في ذلك الزرادشتية.

العديد من اليزيديين العراقيين يعيشون في مناطق متنازع عليها

صدر الصورة، Getty

التعليق على الصورة، العديد من اليزيديين العراقيين يعيشون في مناطق متنازع عليها

ونتيجة لبعض ما يؤمنون به من معتقدات وأفكار غامضة تحيط بديانتهم، ينظر الكثير من المسلمين وغير المسلمين إلى الأيزيديين على أنهم عبدة الشيطان.

وأدى هذا إلى هجمات عنيفة ضدهم شنتها جماعات إسلامية اعتبرت الأيزيديين كفارا. وفي أغسطس/ آب 2007، شن متطرفون هجوما عنيفا على قرى الأيزيديين في نينوى وقتلوا ما بين 400 و700 شخصا.

وتشير تقديرات إلى أن عددهم يصل حاليا إلى نحو 500 ألف نسمة، يعيش معظمهم في سهول محافظة نينوى في مناطق متنازع عليها بين العرب والأكراد.

الشبك

ولدى جماعة الشبك لغة وعادات خاصة بهم، وتنتمي غالبيتهم إلى الطائفة الشيعية في حين تعود أقلية إلى الطائفة السنية.

ويعتقد بأن ما بين 250 ألف إلى 400 ألف من الشبك في العراق، يعيش معظمهم في محافظة نينوى.

وويعتبرهم المتشددون انهم جماعة مرتدة عن الإسلام، وهو ما يفتح المجال لشن هجمات عنيفة ضدهم.

ويواجه الشبك، الذين يعيشون في مناطق متنازع عليها بين حكومة الإقليم الكردي المحلية والحكومة العراقية المركزية، اضطهاد العرب والأكراد على حد سواء.

التركمان

تركمان عراقيون بعد فرارهم إلى كركوك هذا الشهر

صدر الصورة، Getty

التعليق على الصورة، تركمان عراقيون بعد فرارهم إلى كركوك هذا الشهر

يعتبر التركمان ثالث أكبر مجموعة عرقية في العراق بعد العرب والأكراد، إذ يقدر عددهم بين نصف مليون و 2.5 مليون نسمة.

وهم في الغالب مسلمون، وينقسمون بين سنة وشيعة، كما هناك أقلية مسيحية كاثوليكية.

ولدى التركمان لغتهم وتقاليدهم الخاصة، كما يعيشون بشكل رئيسي على طول الخط الفاصل بين المناطق العربية والكردية - في محافظات نينوى (أكثرهم في تلعفر) وكركوك وديالى، كما يعيشيون في مناطق أخرى بالبلاد.

وكان التركمان هدفا لهجمات المتشددين التي اشتعلت في كثير من الأحيان من أجل الصراع على السلطة بين المنطقة الكردية والحكومة المركزية.

وفي أعقاب سيطرة تنظيم "داعش" على تلعفر، فر ما يزيد على 250 ألف نسمة من سكان البلدة إلى المنطقة الكردية.

الصابئة المندائيون

صابئون عراقيون يشاركون في شعار التطهر

صدر الصورة، Getty

التعليق على الصورة، صابئون عراقيون يشاركون في شعار التطهر

الصابئة هم من بين الشعوب الأصلية في بلاد الرافدين، وتعود جذورهم إلى الآراميين. واليوم يواجه مجتمعهم وثقافتهم ولغتهم خطر الانقراض.

وتمتع المندائيون، كما هو الحال مع المسيحيين، ببعض الحرية والحماية في في العهود السابقة، لكن منذ غزو العراق عام 2003، غادر نحو 90 بالمئة منهم البلاد.

وتتطلب الديانة المندائية أن يكونوا قريبين من مصدر للمياه النظيفة الطبيعية لاجراء طقوس التعميد. نتيجة لذلك، ومن الناحية التاريخية، فقد استقروا على مقربة من الأهوار والأنهار في جنوب العراق وأيضا في بغداد.

ولأنهم مسالمون وليس لديهم عشائر أو ميليشيات لحمايتهم، فقد هاجر العديد من المندائيين إلى شمال العراق، بما في ذلك نينوى وإقليم كردستان، بحثا عن الأمان.

لكن بسبب وضعهم مثار الخلاف ووصفهم ضمن "أهل الكتاب"، ما زالوا هدفا للتهديدات من قبل المتطرفين دينيا.