تخطي إلى المحتوى الرئيسي
مصر

التحرش الجنسي في مصر سلاح "سياسي" جديد... شهادات نساء

بات التحرش الجنسي في مصر وسيلة للترويع والتنكيل بالمرأة، خاصة مع ازدياد نسبة مشاركتها في الحياة السياسية، وغدا أداة ممنهجة للخلاف السياسي وسلاحا موجها من كل الأطياف ضد المرأة. ورغم اختلاف الأسباب والدوافع سيظل التحرش انتهاكا جسيما لجسد المرأة.

صورة من فيديو للجزيرة مباشر
إعلان

التحرش الجنسي مأساة تعيشها المجتمعات العربية التي طالما حافظت على رباط قيمها الأخلاقية. وقد اختلفت التحليلات حول الأسباب والدوافع، إلا أنها لم تختلف على أن التحرش هو انتهاك جسيم لجسد المرأة.

هذا الانتهاك وإن بدا كغاية، إلا أنه بات يستخدم كوسيلة للترويع والتنكيل بالمرأة، ومع ازدياد نسبة مشاركتها في الحياة السياسية، غدا التحرش أداة ممنهجة للخلاف السياسي وسلاحا موجها في يد كل الأطياف ضد المرأة. التحرشات الجماعية بالتحرير خلال الاحتفاليات الأخيرة بفوز المرشح الرئاسي"عبد الفتاح السيسي"، كانت بداية لانتفاضة "إعلامية" كبيرة ضد التحرش، سرعان ما انقضت رغم اهتمام الرئيس الجديد بها وزيارته لإحدى الضحايا "إكرام" في المستشفى في مشهد لافت إعلاميًا حاملًا الورود ومصرحًا بقوله "حقك علينا".

إنترنت

ومع أن الموقف الرسمي للدولة من هذه الحوادث كان هو الشجب والرفض إلا أن اتهامات بالتحرش وجهت إلى الأجهزة الأمنية.

رواية ندى أشرف، طالبة أزهرية

صورة من قناة "الجزيرة مباشر"

التعاطف الإعلامي الكبير مع قضية "إكرام" ضحية التحرش بالتحرير هو ما شجع ندى أشرف (24 عاما) الطالبة بجامعة الأزهر أن تتقدم أخيرًا للإبلاغ عما تعرضت له من انتهاك داخل إحدى المدرعات، في 31 ديسمبر الماضي داخل جامعة الأزهر.

عن تفاصيل الواقعة قالت: "يومها كنت ذاهبة للامتحان وكان هناك مظاهرات بالجامعة، فقدت الوعي نتيجة استنشاق كميات كبيرة من الغازات المسيلة للدموع، أفقت لأجد أحد العساكر يقوم بضربي بمواسير حديدية وصناديق قمامة من الصفيح، وعندما وقفت على قدمي رأيت ضابطا يلقي القبض على فتاة ويمسكها بشدة من صدرها، قلت له ‘حرام عليك‘ وقمت بشدها من يدها وأخذتها إلى جانبي، فقام بتركها والتفت إلي وقال لي ‘تعال أنت يا من تتظاهرين بالرجولة‘، وأخذني إلى المدرعة وكان معه عساكر يتحرشون بي طوال الطريق إلى المدرعة، ضربني على ظهري وقذفني على الأرض، من كثرة الضرب لم أستطع القيام، وأمر العساكر أن يقفوا فوق المدرعة وكان بينهم من يضحك وواحد فقط منهم كان يبكي. جلس الضابط على يدي وصدري وأسدل سرواله وقام بوضع عضوه الذكري على فمي وصدري، وبعدها قام باغتصابي، ثم قال لي ‘أنت لست عذراء‘، فقلت له ‘أنا متزوجة وعندي أطفال يا عديم المروءة ... فهددني بأنه سيقوم بإيذائي إذا رويت ما حدث."

تواصل: "دخل العسكري الذي كان يبكي وأعطاني مناديل لأني كنت أتقيأ دما، أخذوني بعدها إلى قسم الشرطة واحتجزوني هناك ..خفت وقتها من تهديدات الضابط ولم أحك ما حدث."

 

أخبرها محاميها بضرورة الإبلاغ عما تعرضت له من انتهاك جسدي لتأخذ حقها، وقد قامت فعلا بعمل بلاغين بالواقعة إلا أنه تم حفظهما. تضيف: "طلبوا مني ذكر اسم الضابط وبالطبع أنا لا أعرف اسمه ولا حتى شكله، فهو يوم الواقعة كان ملثما، وعندما بحثت على الإنترنت وجدت صور مظاهرات جامعة الأزهر وصور ضابط يقبض على البنات وله نفس الهيئة فجمعتها وقدمتها للنيابة. والموضوع ليس بهذه الصعوبة فلم يكن هناك غير مدرعتين فقط في مظاهرات هذا اليوم ومن السهل الرجوع للسجلات ومعرفة أسماء الضباط الذين كانوا بالخدمة وقتها. "وأشارت أنه بعد ظهورها على قناة الجزيرة، تم إخطار محاميها بإعادة فتح التحقيق في البلاغ، وأوضحت أن النيابة كانت متعاونة معها هذه المرة.

"ندى" لم تجد إلا اللوم والانتقاد من زوجها حين علم بالواقعة، وقال لها على حد تعبيرها: "ما الذي جعلك تقومين بشد البنت والتدخل في الموضوع؟" وغادرت بعدها منزل الزوجية. وتواصل ندى: "حاولت الانتحار بعد الواقعة بيومين لكن الحمد لله لم أنجح في ذلك، بعدها قررت أن لا شيء يستحق أن أموت وربي غاضب مني."
 

رواية إيزيس خليل، صحفية

بتصريح من إيزيس خليل

لم ينحصر التحرش السياسي في بنات التيارات الإسلامية فقط، فالصحفية اليسارية "إيزيس خليل" تعرضت لما لم تتوقعه أثناء تواجدها بأحد المؤتمرات الصحفية المنددة بحبس الناشطة الاسكندرية "ماهينور المصري" في مايو الماضي، تقول إيزيس: "بعد انتهاء المؤتمر طاردت قوات الداخلية والمباحث بقيادة رئيس المباحث الشباب والبنات في الشوارع المجاورة لمقر المكتب المستضيف للمؤتمر... لم نقم بمظاهرة ولا أي شيء مخالف من منظور القانون كل ما فعله الشباب بعد انتهاء المؤتمر هو رفع صورة ماهينور لدقائق فقط ثم رحلوا..

تحفظوا علي أنا وفتاة في جانب من المدخل وحدنا ووجهنا للحائط يتحرشون بنا جنسياً ويشتموننا لدرجة إنني كنت أحاول أن أخرج يد أحد عساكر الأمن المركزي من بنطالي وكلما تحركت قاموا بضربي في ظهري بالسلاح حتى لم أعد أستطيع المقاومة...
ثم جاء رئيس قوات الأمن المركزي وأخرجنا في طابور أمام الناس في الشارع وهو يسبنا قائلا "تغنجي يا ‘شرموطة‘ أنت وهي."

تقول "إيزيس" إنها تقدمت بمحضر للنائب العام وعندما اطلع عليه مساعده تعجب من الواقعة وسألها: "هل حدث هذا فعلا؟!" .. فقالت له "نعم!" لكن دون جدوى .

أسباب التحرش من وجهة نظر الضحايا

"آيات حمادة" (18 عاما) طالبة بكلية التجارة جامعة الأزهر وعضو سابق بحركة "تمرد" ترى أن ما يحدث من تحرش لا

صورة من فيديو

يكون بغرض المتعة، فالعساكر على حد وصفها كانوا "يقرصون" البنات من أجزاء حساسة بالجسد، لكنها تراه تحرشا بغرض الإهانة والتطاول.

بينما أكدت فاطمة لاشين، 18 عاما والطالبة بالأزهر، سبب استخدام ألفاظ خادشة للحياء وتحرش باليد أثناء القبض على الفتيات من داخل الجامعة بقولها: سمعت حديث أحد الضباط أثناء احتجازي بقسم الشرطة قبل ترحيلنا وهو يقول للعساكر بحسب تعبيرها: "اضربوا البنات في الحتة اللي تفكرها إنها بنت." (اضربوا البنات في المكان الذي يذكرهن بأنوثتهن)

رأي المتخصصين والمعنيين

نيفين مسعد -أستاذ العلوم السياسية وعضو المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي لحقوق الإنسان تحدثت إلى فرانس 24 عن التحرش السياسي وقالت إنه دائمًا ما كان موجودًا سواء قبل 25 يناير أو بعده باستثناء الثماني عشرة يوما من الاعتصام في ميدان التحرير، لكنه بدا أوضح بعدها.

وترى نيفين أن الصدام مع هذه الظاهرة بدأ حينما تم التحرش بمجموعة النساء التي توجهت للاحتفال باليوم العالمي للمرأة مارس 2011 بميدان التحرير، واتهموهن حينها بالعمالة.

وقالت: "أعتقد أن المتحرشين في هذه الحالة ينقسمون إلى فريقين، فريق يستفزهم شكل خروج المرأة بصفة عامة، وفريق من المدفوعين سواء من جهة السلطة أو من جهة جماعات الإسلام السياسي، وهو التحرش الممنهج وقد رأينا ذلك في التنكيل بالناشطات السياسيات بأفعال التعرية والإهانة، وفي الهجوم على احتفاليات تنصيب "السيسي" لتشويه سمعة الفتيات المحتفلات". لكنها نبهت أننا لا يجب أن نغفل أن هناك تحرشا يحدث للغرض الجنسي، ونبالغ في ربط كل تحرش بالغاية السياسية.

مصطفى محمود محامي مؤسسة "نظرة" للدراسات النسوية يرفض تسييس هذه الوقائع ويقول: "لا أستطيع تحديد من يقف بالضبط وراء هؤلاء المجرمين وإذا ما كانوا يفعلون ذلك بدافع سياسي أم لا ... لكن كل ما أستطيع قوله هو أن هذه الوقائع تحدث من قبل الثورة في 2011 ومستمرة إلى الآن، وأنا أرفض تسييسها لأن الأهم هو أن نتفق على التصدي للتحرش والاغتصاب الجماعي بدلا عن توجيه الاهتمام للاتهامات السياسية في ظل الاستقطاب السياسي الحالي".

هذه الوقائع تم تحرير بلاغات بها وفقًا لما ذكره أصحابها، إلا أن تصريحات مساعد وزير الداخلية المصري لحقوق الإنسان في 3 يوليو الجاري لوكالة "الأناضول" جاءت نافية لوجود أي انتهاكات جسدية داخل السجون المصرية، وأضاف في تصريحاته: "لو كان ما يقلنه صحيحا لكانت السجينات قدمن شكوى للمجلس القومي لحقوق الإنسان أو بلاغ للنيابة العامة التي بدورها تنتقل لسؤال المسجونة وهو ما لم يحدث في أي حالة من المسجونات."

ولا تزال الاتهامات تدور داخل دائرة مفرغة بين أطراف صراع خفية لا تتضح سوى أناملها العابثة بأجساد النساء، ولا تهدف سوى الوصول إلى السلطة، فتارة تنتهج التحرش وتارة تستهجنه، بحسب الطرف المدان، ليصبح "التحرش الجنسي" هو لعبة السياسة الجديدة لتسديد الأهداف في مرمى الخصم !
 

فرانس 24/ نهلة النمر

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24

مشاركة :
الصفحة غير متوفرة

المحتوى الذي تريدون تصفحه لم يعد في الخدمة أو غير متوفر حاليا.