العدد 1933
الأربعاء 29 يناير 2014
banner
مهارة الاستجواب! فاتن حمزة
فاتن حمزة
رؤيا مغايرة
الأربعاء 29 يناير 2014

الاستجواب حق كفله الدستور للنائب لتقصي الحقائق وتحقيق الرقابة البرلمانية الهادفة، إلا أنه يتطلب فنا وحرفية ومهارة للأسف لا يمتلكها النواب، ولتيسير عملية التحقيق والوصول لنتائج إيجابية قيمة يجب أن تتوافر بهم قدرات خاصة وإلمام بالأسس الفنية في طرح الأسئلة، كي لا يستهان بهم ويتعرضوا لسخرية تقلل من مكانتهم وهيبتهم وبالتالي فقداننا الثقة بهم وبأدائهم وتصريحاتهم.
إن علامات الاستفهام التي تحوم حول الأرقام الواردة في تقرير ديوان الرقابة المالية كثيرة، وتؤكد حجم التجاوزات والإهدار المالي والفساد الذي ساهم في رفع الدين العام، وانعكس تأثيره على المواطن بالتضييق عليه وسط ضغوطات ترهقه وتثقل كاهله، فلا يجب الاستهانة بها والسكوت عنها وتمريرها بدون محاسبة، بل يجب استخدام صلاحياتهم وأدواتهم الانتخابية للضغط على المتسببين في الفساد وفضحهم بدون محسوبية، بدل التردد خوفاً على عرقلة تجديد بقائهم تحت قبة البرلمان للسنوات الأربع المقبلة.
أمل جديد ينبثق مع إقرار النواب استدعاء الوزراء لاستجوابهم وتوضيح الاستفسارات والتساؤلات عل وعسى تنتهي الجلسة بمحاسبة جادة للمفسدين، إلا أن الجلسات لم تحقق المراد وأثبت المجلس ضعفه في استجواب أي وزير، كما حدث مؤخراً عند استجواب وزير المالية فبدل أن يتصبب الوزير عرقاً خوفاً من المساءلة تتحول الجلسة إلى مهزلة وضحك مع مداخلات شمطوط الهزلية المعهودة، لينشغل النواب بطريقة طرحه دون أن يأخذوا كلامه المهم على محمل من الجد.
اعتدنا الضحك منهم وعليهم واستطاعوا أن يثبتوا عدم كفاءتهم وضعف قدراتهم في نقل هموم المواطن وعجزهم عن حلها، وفشلوا في استجواب الوزراء لافتقادهم الذمة وافتقارهم لمهارة المساءلة وتفوق المصلحة الشخصية على مصلحة الوطن والمواطن، والحادثة الأغرب عندما اختفى طلب استجواب وزير المالية من على منضدة النائب أحمد قراطة عند خروجه كما قيل لدورة المياه، وبعدها تقلص عدد الموقعين للطلب من “18 نائباً إلى 9” بعد أن تم تمزيق الاستجواب.. حادثة لا يصدقها عاقل وتتطلب استجواب النواب أنفسهم قبل الوزير.
للأسف لقد فقدوا ضمائرهم وأمانتهم التي من المفترض أن ترشدهم لاستعادة حقوق المواطنين المهدورة بكل مصداقية وعزيمة، بدون تردد او خوف من تهديد او إكراه بفعل عوامل خارجية تعطل مصالح المواطن وتحطم آماله.
للأسف لقد تمخض الجبل فولد فأراً فالوعود البطولية بانت حقيقتها، فما هي إلى استعراضات صوتية وعضلات خاوية تزول في مواقف الجد، إنهم غير جديرين بحمل مسؤولية صوت المواطن، ورغم الفوضى والاعتراضات والمساءلات لم نشهد مطلقاً أي وزير أو مسؤول كبير خلف القضبان.
نتمنى أن لا تكون الاستجوابات مضيعة للوقت والجهد، وأقترح في الدورات القادمة تأهيل المرشحين للعمل النيابي وتعليمهم أصول الاستجواب، لتحسين أدائهم وتحقيق الكفاءة لبلوغ المستوى المطلوب، فاسترداد الثقة وتحسين صورة المجلس وعودة هيبته تتطلب وقتا وعملا دءوبا خصوصاً بعد توالي الخيبات والإخفاقات.
لا يسعنا اليوم سوى انتظار وترقب النتائج على أمل أن تُسترد الأموال والحقوق بمحاربة الفساد الذي سينقل المواطن من حالة التقشف إلى سعة ورخاء وراحة في بلد يحمل الخيرات والثروات التي سينعكس مردودها على الجميع.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية